الكتاب:
كتاب الكبائر
الشيخ محمد بن عبدالوهاب
1115 هـ - 1206 هـ
بسم الله الرحمن الرحيم
وقول الله تعالى : " إن تجتنبوا
كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيآتكم " الآية ، وقوله تعالى : " الذين يجتنبون
كبائر الإثم والفواحش إلا اللمم " الآية روى ابن جرير عن ابن عباس قال : الكبائر كل
ذنب ختمه الله بنار أو لعنة أو غضب أو عذاب .
= وله عنه قال هي إلى سبعمائة
أقرب منها إلى سبع ، غير أنه لا كبيرة مع الاستغفار ، ولا صغيرة مع الإصرار . ولعبد
الرزاق عنه هي إلى سبعين أقرب منها إلى السبع .
(باب أكبر الكبائر)
في الصحيحين عن أبي بكرة رضي
الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ألا أنبئكم
بأكبر الكبائر ؟ قلنا بلي يا رسول الله قال : الإشراك بالله وعقوق الوالدين وكان
متكئاً فجلس فقال : ألا وقول الزور ألا وشهادة الزور " فما زال يكررها حتى قلنا
ليته سكت .
(باب كبائر القلب)
عن أبي هريرة رضى الله عنه قال : قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم : "إن الله لا ينظر إلى صوركم ، وأموالكم ولكن ينظر إلى
قلوبكم وأعمالكم " .
رواه مسلم
وعن النعمان بن بشير رضى الله عنه مرفوعاً :
" ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله ، وإذا فسدت فسد الجسد كله ،
أله وهي القلب " .
)باب ذكر الكبر(
وقول الله تعالى : " إن
الله لا يحب من كان مختالاً فخوراً " وقول الله تعالى : " فلبئس مثوى
المتكبرين " .
عن ابن مسعود رضى الله عنه
قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا يدخل الجنة من كان في
قلبه مثقال ذرة من كبر " فقال رجل : يا رسول الله إن
الرجل يحب أن يكون ثوبه حسناً ونعله حسنة قال :
" إن الله جميل
يحب الجمال . الكبر بطر الحق وغمط الناس " رواه مسلم .
وروى البخاري عن حارثة بن وهب أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم قال : " ألا أخبركم بأهل النار ؟ كل عتل جواظ مستكبر " العتل
الغليظ الجافي والجواظ قيل المختال الضخم وقيل القصير البطين وبطر الحق رده إذا أتك ،
وغمط الناس احتقارهم .
ولأحمد وصححه ابن حبان
من حديث أبي سعيد رفعه " من تواضع لله درجة رفعه الله درجة حتى يجعله في أعلى عليين
، ومن تكبر على الله درجة وضعه الله درجة حتى يجعله في أسفل سافلين " .
وللطبراني عن ابن عمر رفعه :
" إياكم والكبر فإن الكبر يكون في الرجل وعليه العباءة " رواته ثقات .
(باب ذكر العجب)
وقول الله تعالى : " والذين
هم من عذاب ربهم مشفقون " روي عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال : " الهلاك في اثنتين
ـ القنوط والعجب " .
عن أبي بكرة رضي الله عنه أن
رجلاً ذكر عند النبي صلى الله عليه وسلم فأثنى عليه رجل
خيراً فقال النبي صلى الله عليه وسلم :
" ويحك قطعت عنق
صاحبك " يقوله مراراً ثم قال : " إن كان أحدكم مادحاً لا محالة فليقل أحسبه كذا
وكذا إن كان يرى أنه كذلك وحسيبه الله ولا يزكي على الله أحداً " . رواه البخاري
ومسلم .
ولأحمد بسند جيد عن الحارث
بن معاوية أنه قال لعمر : إنهم كانوا يراودونني على القصص فقال أخشى أن
تقص فترتفع عليهم في نفسك ثم تقص فترتفع حتى يخيل إليك أنك فوقهم في منزلة الثريا
فيضعك الله عز وجل تحت أقدامهم يوم القيامة بقدر ذلك
" .
وللبيهقي عن أنس رضي الله
عنه مرفوعاً " لو لم تذنبوا لخفت عليكم ما هو أشد من ذلك ـ العجب " .
(باب ذكر الرياء والسمعة)
وقول الله تعالى :
" فمن يرجو لقاء ربه فليعمل عملاً صالحاً ولا يشرك بعبادة ربه أحداً "
عن جندب بن عبد الله رضى الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم : " من سمع سمع الله به ومن يرائي يرائي الله به
" أخرجاه
قيل معنى من سمع سمع الله به
أي فضحه يوم القيامة ومعنى من يرائي أي من أظهر العمل الصالح للناس
ليعظم عندهم يرائي به الله قيل معناه إظهار سريرته للناس .
ولهما عن عمر رضى الله عنه
قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إنما الأعمال
بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى " .
ولمسلم عن أبي هريرة رضى
الله عنه مرفوعاً : " إن أول الناس يقضي عليهم يوم القيامة ثلاثة ـ : رجل استشهد في سبيل
الله فأتي به فعرفه نعمة فعرفها قال : فما عملت فيها ؟ قال : قاتلت في سبيلك حتى
قتلت ، قال له كذبت ولكنك قاتلت ليقال هو جرئ ،
فقد قيل ، ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار ورجل تعلم العلم وعلمه وقرأ القرآن فأتي
به فعرفه نعمة فعرفها قال فما عملت فيها ؟ قال تعلمت العلم وعلمته وقرأت فيك
القرآن . قال كذبت ، ولكنك تعلمت ليقال هو عالم وقرأت ليقال هو قارئ فقد قيل ثم أمر
به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار . ورجل وسع الله عليه فأعطاه من أصناف
المال فأتي به فعرفه نعمة فعرفها قال فما عملت فيها ؟ قال ما تركت من سبيل تحب أن
ينفق فيه إلا أنفقت فيه لك ، قال الله كذبت ولكنك فعلت ليقال هو جواد فقد قيل ثم أمر
به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار ـ وللترمذي فيه أن معاوية رضى الله عنه لما
سمعه بكى وتلا قوله تعالى : " من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم
فيها " الآية .
)باب الفرح(
وقوله تعالى : " إنه
كان في أهله مسروراً" وقوله : " إنا كنا قبل في
أهلنا مشفقين " وقوله : " فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء حتى
إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون " الآية .
)باب ذكر اليأس من روح الله
والأمن من مكر الله (
وقول الله تعالى : "
إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون " وقوله :
" فلا يأمن مكر
الله إلأ القوم الخاسرون " عن ابن مسعود رضى الله عنه قال : أكبر الكبائر
الإشراك بالله ، والأمن من مكر الله ، والقنوط من رحمة الله ، واليأس من روح الله .
رواه عبد الرزاق وأخرجه ابن أبي حاتم ابن عباس رضي الله تعالى عنه مرفوعاً
ولفظه سئل : ما الكبائر ؟ فقال : " الإشراك بالله ، والأمن من مكر الله ، واليأس من
روح الله " .
)باب ذكر سوء الظن بالله(
وقول الله تعالى : " يظنون
بالله غير الحق ظن الجاهلية " وقول الله تعالى : " وذلكم ظنكم الذي
ظننتم بربكم أرداكم " الآية وقوله : " الظانين
بالله ظن السوء عليهم دائرة السوء " الآية . وروي من حديث ابن عمر رضى الله عنهما :
" أكبر الكبائر سوء الظن بالله " رواه ابن مردويه .
عن جابر رضي الله عنه قال :
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول قبل وفاته بثلاث : " لا يموتن
أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله " أخرجاه وزاد ابن أبي الدنيا فإن قوماً أرداهم سوء
ظنهم بالله فقال تبارك وتعالى : "وذلكم ظنكم الذي ظننتم بربكم أرداكم " الآية
ولهما عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً قال الله تعالى : " أنا عند ظن عبدي بي زاد
أحمد وابن حبان إن ظن بي خيراً فله وإن ظن بي شراً فله
" .
(باب ذكر إرادة العلو والفساد)
وقول الله تعالى : " تلك
الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علواً في الأرض ولا فساداً " الآية .
عن أنس رضى الله عنه قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه "
أخرجاه وعن أبي محمد عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما : أن رسول الله صلى الله
عليه وسلم قال : " لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعاً لما جئت به " .
(باب العداوة والبغضاء)
وقوله تعالى : " فإن
تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول " الآية . وقوله :" قد كانت لكم
أسوة حسنة في إبراهيم " .
)باب الفحش(
وقوله تعالى : " إن
الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا "
الآية وقوله : " إذا نصحوا لله ورسوله " الآية .
(باب ذكر مودة أعداء الله)
وقوله تعالى : " لا تجد
قوماً يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله
" الآية وقوله " قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال
اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله
فتربصوا حتى يأتي الله بأمره والله لا يهدي القوم الفاسقين " وقوله :
" ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار " الآية وقال أبو
العالية : لا ترضوا بأعمالهم وروى عن ابن عباس رضى الله عنهما لا تميلوا إليهم كل
الميل في المحبة ولين الكلام والمودة وعن ابن مسعود رضى الله عنه أن رسول الله صلى
الله عليه وسلم قال : " المرء مع من أحب " أخرجاه .
)باب ذكر قسوة القلب(
وقوله تعالى : " فبما
نقضهم ميثاقهم لعناهم وجعلنا قلوبهم قاسية
" الآية وقوله
تعالى : " الله نزل أحسن الحديث كتاباً متشابهاً مثاني تقشعر منه جلود الذين
يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله " وقوله تعالى : " ألم
يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق " الآية
عن ابن عمرو مرفوعاً : " ارحموا ترحموا واغفروا يغفر لكم ، ويل
لأقماع القول ويل للمصرين الذين يصرون على ما فعلوا وهم يعلمون " رواه
أحمد .
وللترمذي عنه مرفوعاً :
" لا تكثروا الكلام بغير ذكر الله فإن كثرة الكلام
بغير ذكر الله قسوة للقلب وإن أبعد من الله القلب القاسي " ولهما عن جرير رضى
الله عنه مرفوعاً : " من لا يرحم الناس لا يرحمه الله " أخرجاه .
)باب ذكر ضعف القلب(
وقول الله تعالى : "
وربطنا على قلوبهم " الآية وقوله : " ألم أحسب
الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون " الآيتين وقوله : "
قالوا يا موسى إن فيها قوماً جبارين " الآية وقوله :
" ومن الناس من
يقول آمنا بالله ، فإذا أوذي في الله جعل فتنة الناس كعذاب الله " الآية
ولهما عن ابن عمرو مرفوعاً : " المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده ، والمهاجر
من هجر ما نهى الله عنه " .
"أبواب
كبائر اللسان"
)باب التحذير من شر اللسان(
وقول الله تعالى : "
وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا ، وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاماً
" وقوله تعالى : " وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه
" وقوله : "
ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد " عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً :
" من كان يؤمن باله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت " أخرجاه . ولهما عن سهل بن
سعد مرفوعاً : " من يضمن لي ما بين لحييه ، وما بين رجليه ، أضمن الجنة " .
وعن سفيان بن عبد الله قال
قلت : يا رسول الله ما أخوف ما تخاف على ؟ فأخذ بلسان نفسه ثم قال : " كف عليك
هذا " قال الترمذي حسن صحيح .
وله وصححه عن معاذ رضي الله عنه قلت يا رسول
الله وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به ؟ قال :
" ثكلتك أمك يا
معاذ . وهل يكب الناس في النار على وجوههم ـ أو قال على مناخرهم ـ إلا حصائد
ألسنتهم " وله عن أبي سعيد رضي الله عنه مرفوعاً : " إذا أسبح ابن آدم
فإن الأعضاء كلها تكفر اللسان تقول اتق الله فينا فإنما نحن بك إن استقمت
استقمنا وإن اعوججت اعوججنا " قوله تكفر أي تذل
وتخضع .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً :
" إن العبد ليتكلم بالكلمة ما يتبين فيها يزل بها في النار أبعد مما بين المشرق
والمغرب " أخرجاه وللترمذي وصححه عن بلال بن الحارث رضي الله عنه مرفوعاً : " إن
الرجل ليتكلم بالكلمة من رضوان الله ما كان يظن أن تبلغ ما بلغت يكتب الله له بها رضوانه
إلى يوم يلقاه : وأن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله تعالى ما كان يظن أن تبلغ ما
بلغت يكتب الله له بها سخطه إلى يوم يلقاه : .
ولمسلم بن جندب بن عبد
الله رضي الله عنه مرفوعاً : " أن رجلاً قال والله لا يغفر الله لفلان ؟ فقال الله
عز وجل من ذا الذي يتألى على أن لا أغفر لفلان ؟ إني قد غفرت له وأحبطت عملك
" وروى أن القائل رجل عابد قال أبو هريرة : تكلم بكلمة أو بقت دنياه وآخرته .
)باب ما جاء في كثرة الكلام(
وقول الله تعالى : "
وإن عليكم لحافظين " الآيتين عن المغيرة بن شعبة مرفوعاً :
" إن الله حرم عليكم عقوق الأمهات ، ووأد البنات ، ومنعاً وهات ، وكره لكم قيل
وقال ، وكثرة السؤال ، وإضاعة المال " أخرجاه .
وعن جابر رضي الله عنه
مرفوعاً : " إن من أحبكم إلى وأقربكم مني مجلساً يوم القيامة أحسنكم أخلاقاً وإن أبغضكم
إلى وأبعدكم مني مجلساً يوم القيامة الثرثارون المتشدقون والمتفيهقون "
حسنه الترمذي .
)باب التشدق وتكلف الفصاحة(
وقول الله تعالى : "
وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم ، وإن يقولا تسمع لقولهم " الآية عن ابن عمر رضي
الله عنهما مرفوعاً : " إن من البيان لسحراً
" رواه البخاري .
وعن أبن عمر مرفوعاً :
" إن الله يبغض البليغ من الرجال الذي يتخلل بلسانه كما تتخلل البقرة
" حسنه الترمذي .
وعن أبي هريرة مرفوعاً : " من
تعلم صرف الكلام ليصرف به قلوب الرجال أو الناس لم يقبل منه يوم القيامة صرفاً ولا عدلاً
" رواه أبو داود.
ولأحمد عن معاوية لعن رسول
الله صلى الله عليه وسلم الذين يشققون الكلام تشقيق الشعر " .
)باب شدة الجدال(
وقول الله تعالى :
" وهو ألد الخصام " عن عائشة رضي الله عنها مرفوعاً : " إن أبغض
الرجال إلى الله الألد الخصم
" .
وللترمذي عن ابن عباس
مرفوعاً : " كفى بك إثماً أن لا تزال مخاصماً
" .
)باب من
هابه الناس خوفاً من لسانه(
وقول الله تعالى : "
ويل لكل همزة لمزة " الآية عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال : " إن شر الناس منزلة عند الله يوم القيامة من ودعه الناس ـ أو تركه الناس ـ
اتقاء فحشه " .
)باب البذاء والفحش(
وقول الله تعالى : "
والذين لا يشهدون الزور وإذا مروا باللغو مروا كراماً
" .
وعن ابن مسعود رضي الله عنه
مرفوعاً : " ليس المؤمن بطعان ولا لعان ولا فاحش ولا بذيء " حسنه
الترمذي .
وله وصححه عن أبي الدرداء
رضي الله عنه مرفوعاً : " ما من شيء أثقل في ميزان المؤمن يوم
القيامة من حسن الخلق . وإن الله يبغض الفاحش البذيء الذي يتكلم
بالفحش " .
ولمسلم عن عائشة رضي الله عنها
مرفوعاً : " إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه ، ولا ينزع من شيء إلا شانه".
وللترمذي حسنه عن ابن مسعود
رضي الله عنه مرفوعاً " ألا أخبركم بمن يحرم على النار أو تحرم عليه النار ؟
تحرم على كل قريب هين لين سهل " .
ولمسلم عن جرير رضي الله عنه مرفوعاً : "
من يحرم الرفق يحرم الخير كله " .
)باب ما جاء في الكذب(
وقول الله تعالى : "
إنما يفتري الكذب الذين لا يؤمنون بآيات الله وأولئك هم الكاذبون "
وقوله : " ولهم عذاب أليم بما كانوا يكذبون
" .
وقوله تعالى : " ويل
لكل أفاك أثيم " .
عن ابن مسعود رضي الله عنه
مرفوعاً : " إن الصدق يهدي إلى البر ، وإن البر يهدي
إلى الجنة . وإن الرجل ليصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقاً . وإن
الكذب يهدي إلى الفجور ، وإن الفجور يهدي إلى النار ، وإن الرجل ليكذب ويتحرى الكذب
حتى يكتب عند الله كذاباً " . أخرجاه .
وفي الموطأ عنه : " لا
يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب فينكت في قلبه نكتة سوداء حتى يسود قلبه فيكتب عند الله من
الكاذبين " .
وفيه عن صفوان بن سليم قال : قيل لرسول
الله أيكون المؤمن جباناً ؟ قال : نعم . قيل : أيكون المؤمن بخيلاً ؟ قال : نعم
. قيل أيكون المؤمن كذاباً ؟ قال : لا ـ وللترمذي وحسنه عن ابن عمر : " إذا
كذب العبد تباعد عنه الملك ميلا " .
)باب ما جاء في إخلاف الوعد(
وقول الله تعالى : "
فأعقبهم نفاقاً في قلوبهم إلى يوم يلقونه بما أخلفوا الله ما وعدوه " الآية . عن
أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " آية المنافق ثلاث
: إذا حدث كذب ، وإذا وعد أخلف ، وإذا ائتمن خان " أخرجاه . ولهما عن ابن عمر
مرفوعاً : " أربع من كن فيه كان منافقاً خالصاً ومن كانت فيه خصلة منهن كانت خصلة من
النفاق حتى يدعها ، وإذا حدث كذب ، وإذا عاهد غدر ،وإذا خاصم فجر
" .
)باب ما جاء في زعموا(
وقول الله تعالى : "
إذا تلقونه بألسنتكم وتقولون بأفواهكم" الآية ، وقوله تعالى :
" يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا " الآية .
عن أبي مسعود أو حذيفه
مرفوعاً : " بئس مطية الرجل زعموا " رواه أبو داود
بسند صحيح ولمسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً : " كفى بالمرء إثماً أن
يحدث بكل ما سمع " .
)باب ما جاء في الكذب والمزح
ونحوه(
وقول الله تعالى : "
قالوا أتتخذنا هزوا " الآية عن أم كلثوم بنت عقبة رضي الله عنها مرفوعاً : "
ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس فيقول خيراً أو ينمي خيراًٍ " أخرجاه .
ولمسلم : قالت : ولم أسمعه
يرخص في شيء مما يقول الناس إلا في ثلاث ـ يعني الحرب ، والإصلاح بين
الناس ، وحديث الرجل زوجته ، وحديث المرأة زوجها .
وعن عبد الله بن عامر رضي
الله عنه قال : دعتني أمي يوماً ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس في بيتنا
قال ها تعال أعطك ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : وما أردت أن تعطيه : أعطيه
تمراً فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أما أنك لو لم تعطيه لكتبت
عليك كذبة " رواه أبو داود .
ولأحمد عن أبي هريرة
رضي الله عنه مرفوعاً : " من قال لصبي ها تعال أعطل ثم لم يعطه فهي كذبة " .
وله عن أسماء بنت يزيد رضي
الله عنها : قلت : يا رسول الله إن قالت إحدانا لشيء تشتهيه لا أشتهيه ، أيعد ذلك
كذباً ؟ قال : " نعم إن الكذب يكتب كذباً حتى تكتب الكذيبة كذيبة " وللترمذي
وحسنه مرفوعاً " ويل للذي يحدث بالحديث ليضحك به القوم فيكذب ، ويل له ويل له " .
)باب ما جاء في التملق ومدح
الإنسان بما ليس فيه(
وقول الله تعالى : "
واجتنبوا قول الزور " وروى الإمام أحمد عن أبي داود عن شعبة عن قيس بن مسلم أنه سمع
طارق بن شهاب يحدث عن عبد الله يقول : إن الرجل ليخرج من بيته ومعه دينه فيلقى
الرجل وله إليه حاجة فيقول له أنت كيت وكيت يثني عليه لعله أن يقضي من حاجته شيئاً
فيسخط الله عليه فيرجع وما معه من دينه شيء
" .
)باب ما جاء في النهي عن كون
الإنسان مداحاً(
وقول الله تعالى : " ألم تر إلى الذين
يزكون أنفسهم " الآية ولمسلم عن المقداد أن رجلاً جعل يمدح عثمان ، فجثى المقداد على
ركبتيه فجعل يحثوا في وجهه التراب ، فقال عثمان ما شأنك ؟ قال : إن رسول الله صلى الله
عليه وسلم قال : إذا رأيتم المداحين فاحثوا في وجوههم التراب
" .
وفي المسند عن معاوية
مرفوعاً : " إياكم والمدح ، فإنه الذبح
" .
)باب من
تحلم ولم ير شيئاً(
روى البخاري عن ابن
عباس مرفوعاً : " من تحلم بحلم لم يره كلف أن يعقد بين شعيرتين ولن يفعل " .
)باب ذكر مرض القلب وموته(
وقول الله تعالى : " في
قلوبهم مرض " الآية وقوله : " لئن لم ينته
المنافقون والذين في قلوبهم مرض " الآية .
عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال : قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم : " إن المؤمن إذا أذنب ذنباً كانت نكتة سوداء في قلبه
فإن تاب ونزع واستعتب صقل قلبه وإن زاد زادت حتى تعلو قلبه فذلك الران الذي قال
الله تعالى فيه : " كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون " رواه الترمذي
وقال حسن صحيح ، قال الأعمش : أرانا مجاهد بيده قال كانوا يرون أن القلب في مثل هذه الكف
فإذا أذنب العبد ذنباً ضم منه وقال : بأصبعه الخنصر هكذا فإذا أذنب ضم وقال بأصبعه
الأخرى هكذا حتى ضم أصابعه ثم قال يطبع عليه بطابع ، وكانوا يرون أن ذلك هو الران
،رواه ابن جرير عن أبي كريب عن وكيع عنه بنحوه وعن مجاهد أيضاً قال : الران أيسر من
الطبع ، والطبع أيسر من الأقفال .
وعن أبي سعيد رضي
الله تعالى عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " القلوب أربعة قلب أجرد
فيه مثل السراج يزهر وقلب أغلف مربوط بغلافه وقلب منكوس وقلب مصفح ، فأما القلب
الأجرد فقلب المؤمن فسراجه فيه نور وأما القلب الأغلف فقلب كافر وأما القلب المنكوس
فقلب المنافق الخالص عرف الحق ثم أنكر ، وأما القلب المصفح فقلب فيه إيمان ونفاق ومثل
الإيمان فيه كمثل البقلة يمدها الماء الطيب ومثل النفاق فيه كمثل القرحة يمدها
القيح والدم فأي المادتين غلبت على الأخرى غلبت عليه
" .
)باب ذكر الرضاء
بالمعصية(
روي عن عبد الله بن مسعود
قال : هلكت إن لم يعرف قلبك المعروف وينكر المنكر .
ولمسلم عن قال : قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم : " ما من نبي بعثه الله في أمة قبلي إلا كان
له من أمته حواريون وأصحاب يأخذون بسنته ، ويقتدون بأمره ثم إنها تخلف من
بعدهم خلوف يقولون ما لا يفعلون ، ويفعلون ما لا يؤمرون . فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن
، ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن ، ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن وليس وراء ذلك من
الإيمان حبة خردل" .
وله عن أم سلمة رضي
الله تعالى عنها مرفوعاً : " أنه يستعمل عليكم أمراء فتعرفون وتنكرون فمن أنكر فقد بريء
، ومن كره فقد سلم ، ولكن من رضي وتابع ، أي من كره بقلبه وأنكر بقلبه .
وفي رواية غير الصحيحين بعد
وتابع " فأولئك هم الهالكون " .
)باب ذكر تمني المعصية الحرص
عليها(
في الصحيحين عن أبي بكرة أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم قال : " وإذا التقي المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول
في النار " . قالوا يا رسول الله : هذا القاتل فما بال المقتول ؟ قال : " إنه
كان حريصاً على قتل صاحبه " .
وعن أبي كبشة الأنماري رضي
الله عنه مرفوعاً : " مثل هذه الأمر مثل أربعة رجال : رجل
آتاه الله مالاً وعلماً فهو يعمل في ماله بعلمه ـ ورجل أته الله علماً ولم
يؤته مالاً ، قال لو كان لي مال مثل مال فلان لعملت فيه مثل عمله ، فهما في الأجر
سوءا ـ ورجل آتاه الله مالاً ولم يؤته علماً فهو يتخبط في ماله لا يدري ما له
مما عليه ـ ورجل لم يؤته الله مالاً ولا علماً فقال لو كان لم مثل مال فلان لعملت
فيه مثل عمله فهما في الوزن سواء " صححه الترمذي .
)باب ذكر الريب(
وقول الله تعالى : "
إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا "
الآية ، وقوله تعالى : " والذين يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك وبالآخرة هم
يوقنون ، أولئك على هدي من ربهم وأولئك هم المفلحون " . وقوله تعالى : "
وإذا قيل إن وعد الله حق " إلى قوله تعالى " وما نحن بمستيقنين
" وكان معاذ يقول في مجلسه كل يوم قلما يخطئه : الله حكم قسط ، وهلك المرتابون
، وقال مسعود ابن مسعود : إن من اليقين أن لا ترضى أحداًَ بسخط الله ، ولا تحمد
أحداً على ما آتاك الله ، ولا تلم أحداً على ما يؤتك الله ، وإن الله بعلمه
وقسطه جعل الروح والفرح في اليقين ، وجعل الهم والحزن في الشك والسخط ، وإن رزق الله
لا يجره حرص حريص ولا يرده كراهية كاره ، وقال عمر يوم الحديبية فعملت لذلك
أعمالاً وفيه قوله : ذاق طعم الإيمان من رضي بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد
رسولاً " أخرجه مسلم وعن العباس رضي الله عنه مثله .
)باب السخط(
وقل الله تعالى : ومن يؤمن بالله يهد
قلبه " قال علقمه : هو الرجل تصيبه المصيبة فيعلم أنها من عند الله فيرضى ويسلم .
وعن أنس رضي الله عنه قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الله إذا أحب قوماً ابتلاهم فمن رضي فله
الرضى ومن سخط فعليه السخط " رواه الترمذي وحسنه .
)باب القلق والاضطراب(
وقول الله تعالى : "
فأنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين " .
وقوله تعالى : " فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم " الآية وقوله تعالى
" يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية " الآية ولهما عن أبي هريرة
رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ليس الشديد بالصرعة إنما
الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب " .
وللبخاري أن رجلاً قال للنبي
صلى الله عليه وسلم أوصني قال : " لا تغضب
" فردد مراراً قال
: " لا تغضب " .
وعن أبي ذر رضي الله عنه
مرفوعاً : " قد أفلح من أخلص الله قلبه للإيمان وجعل قلبه
سليماً ،ولساناً صادقاً ، ونفسه مطمئنة وخليقته مستقيمة ، وجعل أذنه مستمعة
وعينه ناظرة فأما الأذن فقمع وأما العين فمعبرة (؟)
لما يوعي (؟) القلب ، وقد أفلح من جعل الله قلبه واعياً " رواه أحمد .
)باب الجهالة(
وقول الله تعالي : "
ولقد ذرأنا لجهنم كثيراً من الجن والإنس لهم قلوب لا يفقهون بها "
الآية وعن ابن عباس ومعاوية غيرهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من يرد
الله به خيراً يفقهه في الدين " .
وفي حديث البراء بن عازب رضي الله عنه :
" أن المرتاب هو الذي يقول إذا سأله الملكان هاه هاه لا أدري سمعت الناس يقولون شيئاً
فقلته " .
)باب الخفية(
وقول الله تعالى : "
يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله " الآية .
وفي البخاري عنه عن أبي
مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إن مما أدرك الناس من
كلام النبوة الأولى إذا لم تستح فاصنع ما شئت
" .
)باب الحرص على المال والشرف(
عن كعب رضي الله عنه مرفوعاً
:" ما ذئبان جائعان أرسلا في زريبة غنم بأفسد
لها من حرص المرء على المال والشرف لدينه"
صححه الترمذي .
)باب الهلع والجبن(
وقول الله تعالى : " إن
الإنسان خلق هلوعاً " الآيتين عن أبي هريرة رضي الله عنه
مرفوعاً : " شر ما في الرجل شح هالع ، وجبن خالع " رواه أبو داود
بسند جيد .
ولمسلم عن جابر رضي الله عنه مرفوعاً :
" اتقوا الشح فإن الشح أهلك من كان قبلكم ، حملهم على أن سفكوا دماءهم ، واستحلوا
محارمهم " .
)باب البخل(
وقول الله تعالى : "
الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل " وقوله تعالى
: " وفي أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم " . عن جابر قال : قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم : " من سيدكم يا بني سلمة ؟ ـ قالوا الجد ابن قيس على أنا نبخله قال :
وأي داء أدوأ من البخل ، بل سيدكم عمرو بن الجموح " رواه البخاري في الأدب
المفرد .
)باب عقوبة البخل (
وقول الله تعالى : " سيطوقون ما بخلوا به
يوم القيامة " فيه " لا توعى فيوعى الله عليك كما في الحديث الآخر " ارضخي يرضخ
لك " أي وسعي يوسع لك وقوله عليه السلام :
" اللهم اعط كل
ممسك تلفاً وكل منفق خلفاً " .
)باب ازدراء النعمة
والاستخفاف بحرمات الله(
وقول الله تعالى : "
والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان
" الآية .
وعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه
مرفوعاً : " يقول الله تعالى من عادى لي ولياً فقد بارزني بالحرب " أخرجاه
(معناه إذا خرج رجلان من الصفين للقتال وههنا من عادى ولي الله فهو مبارز الله
بالحرب"
عن أبي هريرة مرفوعاً :
" لا يبغض الأنصار رجل يؤمن بالله واليوم الآخر
" .
)باب الحسد(
وقول الله تعالى : " أم
يحسدون على ما آتاهم الله من فضله " الآية .
وعن أنس رضي الله تعالى عنه
مرفوعاً : " لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه " .
عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه
مرفوعاً : " إياكم والحسد فإنه يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب أو قال
العشب " . رواه أبو داود .
)باب سوء الظن بالمسلمين(
وقول الله تعالى : " يا
أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيراً من الظن إن بعض الظن إثم " الآية ، عن أبي هريرة رضي
الله تعالى عنه مرفوعاً : " إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث " رواه مسلم .
( باب ما جاء في الكذب على الله ورسوله(
وقول الله تعالى : "
ومن أظلم ممن افترى على الله كذباً " الآية وقوله
تعالى : " ويوم القيامة ترى الذي كذبوا على الله وجهوهم مسودة " الآية .
وفي الصحيحين عن أنس رضي
الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن
كذبا علي ليس ككذب على غير : من كذب على متعمداً فليتبوأ مقعده من النار " .
ولمسلم عن سمرة بن جندب
مرفوعاً : " من حدث عني بحديث يرى أنه كذب فهو أحد
الكذابين " .
)باب ما جاء في القول على الله بلا
علم(
وقول الله تعالى : " قل
إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن " الآية قال أبو موسى : من علمه
الله علماً فليعمله الناس ، وإياه أن يقول ما لا علم له به فيكون من المتكلفين ، أو
يمرق من الدين ، وفي الصحيح عن ابن عمرو رضي الله تعالى عنهما مرفوعاً : " إن
الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من قلوب الرجال ، ولكن يقبض العلم بموت العلماء
حتى إذا لم يبق عالم اتخذ الناس رؤساء جهالا فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا " .
(باب ما جاء في شهادة الزور)
وقول الله تعالى : "
واجتنبوا قول الزور " الآية عن ابن عمر رضي الله عنه مرفوعاً : " إن الطير لتخفق
بأجنحتها ، وترمي ما في حواصلها من هول يوم القيامة ،
وإن شاهد الزور لا تزول قدماه حتى يتبوأ مقعده من النار
" .
ولهما من حديث أبي
بكرة : " ألا وقول الزور ألا وشهادة الزور" فما زال يكررها حتى قلنا : ليته سكت .
)باب ما جاء في اليمين الغموس(
عن ابن مسعود مرفوعاً : " من
حلف على مال امري مسلم بغير حقه لقي الله وهو عليه غضبان " ثم قرأ علينا رسول الله صلى
الله عليه وسلم : " والذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمناً قليلاً " الآية
أخرجاه .
ولمسلم عن أبي أمامة مرفوعاً
: " من اقتطع حق امريء مسلم بغير حق لقي الله وهو عليه غضبان "
وفي رواية : " فقد أوجب الله له النار وحرم عليه الجنة " فقال رجل وإن كان شيئاً
يسيراً يا رسول الله قال : " وإن كان قضيباً من أراك
" .
)باب ما جاء في قذف المحصنات(
وقول الله تعالى : " إن الذين
يرمون المحصنات " الآية ولهما عن أبي هريرة مرفوعاً : " واجتنبوا السبع الموبقات
قالوا وما هن يا رسول اله ؟ قال : الشرك بالله ، والسحر ، وقتل النفس التي حرم الله
إلا بالحق ، وأكل الربا ، وأكل مال اليتيم ، والتولي يوم الزحف ، وقذف المحصنات
الغافلات المؤمنات " .
(باب ما جاء في ذي الوجهين)
وقول الله تعالى :
" وإذا لقوا الذين أمنوا قالوا آمنا " الآية وقوله تعالى : "
مذبذبين بين ذلك " الآية ولهما عن أبي هريرة
مرفوعاً : " تجدون أشر الناس ذا الوجهين الذي يأتي هؤلاء بوجه وهؤلاء بوجه " .
وعن أنس مرفوعاً : " من
كان ذا لسانين جعل الله له يوم القيامة لسانين من نار " .
(باب من شهد أمراً فليتكلم بخير أو ليصمت)
عن أبي هريرة رضي الله عنه
مرفوعاً : " من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فإذا شهد أمراً فليتكلم بخير أو
ليسكت " رواه مسلم .
(باب ما يحذر من الكلام في الفتن)
عن ابن عمر مرفوعاً : "
ستكون فتنة تستنظف العرب قتلاها في النار اللسان فيها أشد من وقع السيف
" رواه أبو داود ـ وله عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً : " ستكون فتنة صماء ،
بكماء عمياء اللسان فيها كوقع السيف " .
)باب قول هلك الناس(
عن أبي هريرة رضي الله عنه
مرفوعاً : " إذا قال الرجل هلك الناس فهو هالك " رواه
مسلم .
)باب الفخر(
وقول الله تعالى :
" أنا خير منه " الآية ، عن عياض بن حمار مرفوعاً : " إن الله
تعالى أوحى إلى أن تواضعوا حتى لا يفخر على أحد ولا
يبغي أحد على أحد " رواه مسلم .
وله عن أبي مالك الأشعري قال قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم : " أربع في أمتي من أمر الجاهلية لا يتركونهن ـ الفخر بالأحساب ،
والطعن في الأنساب ، والاستسقاء بالنجوم ، والنياحة على الميت ، وقال ـ النائحة إذا
لم تتب قبل موتها تقام يوم القيامة وعليها سربال من قطران ودرع من جرب " وللترمذي
وحسنه : " لينتهين أقوام يفتخرون بآبائهم الذين ماتوا إنما هم فحم جهنم أو ليكونن
أهون على الله من الجعلان إن الله أذهب عنكم عبية الجاهلية وفخرها بالآباء إنما
هو مؤمن تقي ، أو فاجر شقي ، الناس بنو آدم ،
وأدم خلق من تراب " عبية بتشديد الياء وكسرها الكبر والفخر .
)باب الطعن في الأنساب(
عن أبي هريرة مرفوعاً :
" اثنتان في الناس هما بهم كفر ، الطعن في الأنساب ، والنياحة على الميت " .
)باب من أدعى نسباً ليس له(
ولهما عن سعد مرفوعاً :
" من ادعى إلى غير أبيه وهو يعلم أنه غير أبيه فالجنة عليه حرام ـ ولهما عن أبي هريرة
عن النبي صلى الله عليه وسلم : " لا ترغبوا عن آبائكم فمن رغب عن أبيه فهو كافر
" ولهما عن علي مرفوعاً : " من ادعى إلى غير أبيه ، أو انتمى إلى غير مواليه فعليه
لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ، لا يقبل الله منه يوم القيامة صرفاً ولا عدلا " .
)باب من تبرأ من نسبه(
عن عمروا بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعاً :
" كفر من تبرأ من نسبه وان دق أو ادعى نسباً لا يعرف " وللطبراني معناه من
حديث أبي بكر الصديق رضي الله عنه ولأبي داود وابن حبان عن أبي هريرة مرفوعاً
"أيما امرأة أدخلت على قوم ما ليس منهم فليست من الله في شيء ولن يدخلها جنته ، وأيما
والد جحده ولده وهو ينظر إليه إلا احتجب الله عنه يوم القيامة وفضحه على رؤوس الخلائق
من الأولين والآخرين " .
)باب من ادعى ما ليس له ، ومن إذا خاصم فجر(
فيه حديث ابن عمر وروى عن
ابن مسعود وعمر : " من قال أنا مؤمن فهو كافر ، ومن قال هو
في الجنة فهو في النار ، ومن قال هو عالم فهو جاهل ـ ولهما عن أبي ذر أنه
سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :
" ما من رجل ادعى
إلى غير أبيه وهو يعلمه إلا كفر ، ومن ادعى ما ليس له فليس منا وليتبوأ
مقعده من النار ، ومن رمى مسلماً بالكفر أو قال يا عدو الله وليس كذلك إلا حار عليه " .
)باب الدعوى
في العلم افتخاراً(
عن ابن عمر مرفوعاً : " يظهر الإسلام حتى
تختلف التجار في البحر وحتى تخوض الخيل في سبيل الله ، ثم يظهر أقوام يقرءون القرآن
يقولون من أقرأ منا ؟ من أعلم منا ؟ من أفقه منا ؟ ثم قال : هل في أولئك من خير ؟
قالوا الله ورسوله أعلم قال : " أولئك منكم من هذه الأمة وأولئك هم وقود النار : رواه
البزار بسند لا بأس به وللطبراني معناه عن ابن عباس قال المنذري اسناده حسن " .
)باب ذكر جحود النعمة(
في الصحيح عن ابن عباس مرفوعاً أن النبي صلى
الله عليه وسلم قال : " دخلت النار فرأيت أكثر أهلها من النساء يكفرن قيل يكفرن
بالله ؟ قال : لا ، يكفرن العشير ، ويكفرن الإحسان ، لو أحسنت إلى إحداهن الدهر ثم
رأت من شيئاً قالت ما رأيت منك خيراً قط
" .
وعن أبي هريرة مرفوعاً :
" لا يشكر الله من لا يشكر الناس " صححه الترمذي وقال حسن غريب .
وعن جابر مرفوعاً : "
من أعطى عطاء فليجز به إن وجد ومن لم يجد فليثن به فإن الثناء شكر ، فإن أثنى
فقد شكر ، ومن كتمه فقد كفر .
(باب ما جاء في لمز أهل طاعة الله والاستهزاء
بضعفتهم)
عن ابن مسعود قال : لما نزلت آية
الصدقة كنا نحامل على ظهورنا فجاء رجل فتصدق بشيء كثير فقالوا مراء ، وجاء رجل فتصدق
بصاع فقالوا إن الله لغني عن صاع هذه فنزل قوله تعالى : " إن الذين يلمزون
المطوعين من المؤمنين في الصدقات والذين لا يجدون إلا جهدهم " الآية .
(باب الاستهزاء)
وقول الله تعالى : " إن
الذين أجرموا كانوا من الذين آمنوا يضحكون وإذا مروا بهم
يتغامزون " وقوله : " فاتخذتموهم سخرياً " الآية وقوله :
" يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم " الآية عن الحسن قال قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن المستهزئين بالناس يفتح لأحدهم
في الآخرة باب في الجنة فيقال له : هلم ! فيجيء بكربه وغمه
فإذا جاء أغلق دونه الباب ثم يفتح له باب آخر فيقال له هلم هلم فيجيء بكربه وغمه
فإذا جاء أغلق دونه" فما زال كذلك حتى إن أحدهم ليفتح له الباب من أبواب الجنة
فيقال له هلم فما يأتيه من اليأس " أخرجه البيهقي ولابن أبي حاتم وغيره عن ابن عمر
مرفوعاً من مات همازاً لمازاً ملقباً للناس كان علامته يوم القيامة أن الله
يسمه على الخرطوم من كلا الشدقين " .
(باب ترويع المسلم)
عن عبد الرحمن بن أبي ليلى
قال حدثنا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم كانوا
يسيرون مع النبي صلى الله عليه وسلم فنام رجل منهم فقام بعضهم إلى حبل معه فأخذه ففزع
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إنه لا يحل لمسلم أن يروع أخاه " رواه
أبو داود .
)باب المتشبع بما لم يعط(
ولهما عن أسماء أن امرأة
قالت : يا رسول الله إن لي ضرة فهل على جناح إن تشبعت من زوجي بما لم يعطني فقال
" إن المتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور
" .
)باب التحدث بالمعصية(
ولهما عن أبي هريرة مرفوعاً
: " كل أمتي معافي إلا المجاهرين فإن من المجاهرة أن
يعمل الرجل عملاً بالليل ثم يصبح وقد ستره الله عليه فيقول : يا فلان علمت البارحة
كذا وكذا وقد بات يستره ربه وأصبح يكشف ستر الله عليه
" .
)باب ما جاء في الشتم بالزنا(
عن أبي هريرة مرفوعاً : " من
قذف مملوكه بالزنا يقام عليه الحد يوم القيامة إلا يكون كما قال " .
)باب النهي عن تسمية الفاسق
سيداً(
عن بريدة قال : قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم : " لا تقولوا للمنافق سيداً فإنه إن يك
سيداً فقد أسخطتم ربكم " رواه أبو داود بسند صحيح .
)باب النهي عن الحلف بالأمانة(
عن بريدة رضي الله عنه مرفوعاً : " من
حلف بالأمانة فليس منا" . رواه أبو داود وبسند صحيح .
(باب النهي عن الحلف بملة غير الإسلام)
عن أبي زيد قال : قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم : " من حلف بملة غير الإسلام كاذباً متعمداً فهو كما قال "
: أخرجاه .
وعن بريدة رضي الله عنه : أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من حلف فقال أنا برئ
من الإسلام ، فإن كان كاذباً فهو كما قال وإن كان صادقاً فلن يرجع إلى الإسلام سالماً
" . رواه أبو داود .
(باب ما جاء
في الغيبة)
وقول الله تعالى : "
ولا يغتب بعضكم بعضا " الآية عن أبي بكرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في
خطبته يوم النحر : " أي شهر هذا ؟ فسكتنا حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه ، فقال : أليس
ذا الحجة ؟ قلنا بلى ، قال فأي بلد هذا ؟ فسكتنا حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه
فقال : أليس بلد الله الحرام ؟ قلنا بلى قال : فأي يوم هذا ؟ فسكتنا حتى ظننا أنه
سيسميه بغير اسمه فقال أليس يوم النحر ؟ قلنا : بلى قال : " فإن دماءكم وأموالكم
وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا ، وستلقون ربكم فيسألكم
عن أعمالكم ، ألا فلا ترجعوا بعدي كفاراً بضرب بعضكم رقاب بعض . فليبلغ الشاهد
منكم الغائب فلعل بعض من يبلغه أن يكون أوعى له من بعض من سمعه . ثم قال ألا هل بلغت
؟ قلنا نعم قال : اللهم أشهد " قالها ثلاثاً . أخرجاه ولهما عن ابن عمر
مرفوعاً أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
" المسلم من سمل
المسلمون من لسانه ويده ، والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه
" .
وعن أبي هريرة مرفوعاً :
" من أكل لحم أخيه في الدنيا قرب إليه يوم القيامة ،
فيقال له كله ميتاً كما أكلته حياً فيأكله فيكلح ويصيح " رواه أبو يعلي بسند
حسن ولابن حبان وصححه عنه في قصة ماعز أن رجلاً قال لآخر : أنظر إلى هذا
الرجل الذي ستر الله عليه فلم يدع نفسه حتى رجم رجم
الكلب فقال لهما النبي صلى الله عليه وسلم
" كلا من جيفة هذا
الحمار كما نلتما من عرض هذا الرجل فإن ما نلتما أشد من أكل هذه الجيفة " .
ولهما عن ابن عباس أن النبي
صلى الله عليه وسلم مر بقبرين فقال : " إنهما ليعذبان وما يعذبان
في كبير ـ أما أحدهما فكان لا يستبريء من البول وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة "
أخرج البخاري في الأدب المفرد نحوه من حديث جابر . وفيه : " أما أحدهما فكان يغتاب
الناس " ولأحمد بسند صحيح معناه من حديث أبي بكرة ولأبي داود الطيالسي عن ابن عباس مثله
بسند جيد .
وعن عائشة رضي الله عنها أنها قالت
للنبي صلى الله عليه وسلم حسبك من صفية كذا وكذا ـ قال بعض الرواة أنها قصيرة .
قال : " لقد قلت كلمة لو مزجت بما البحر لمزجته ـ قالت وحكيت له إنساناً فقال :
" ما أحب أني حكيت إنساناً وأن لي كذا وكذا " . رواه أبو داود والترمذي
وقال حسن صحيح .
(باب ما جاء في اضلال الأعمى
عن الطريق)
عن أبي هريرة رضي الله
عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم لعن من أضل الأعمى عن الطريق ـ ولأبي داود عن
معاذ مرفوعاً : " من حمى مؤمناً من منافق أذاه بعث الله له يوم القيامة ملكاً يحمي
لحمه من نار جهنم ، ومن رمى مسلماً بشيء يريد تشيينه حبسه الله على جسر جهنم حتى
يخرج مما قال " .
(باب تشييع الفاحشة في
المؤمنين)
وقول الله تعالى : "إن الذين يحبون أن
تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة
" .
(باب الرشوة)
وقول الله تعالى : "
ولا تشتروا بآياتي ثمناً قليلاً " الآية عن ابن
عمر مرفوعاً : " لعن الله الراشي والمرتشي
" وصححه الترمذي ـ
ولأحمد عن ثوبان : لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الراشي والمرتشي والراتش ، يعني الذي يمشي
بينهما .
(باب هدايا الأمراء غلول )
عن أبي حميد قال استعمل رسول
الله صلى الله عليه وسلم رجلاً على الصدقة ، فلما قدم قال هذا لكم وهذا أهدي إلى ،
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما بال الرجل نستعمله على العمالة مما ولانا
الله فيقول هذا لكم وهذا أهدي إلى ! فهلا جلس في بيت أبيه أو أمه فينظر أيهدى إليه
شيء أم لا ؟ والذي نفس محمد بيده لا يأخذ أحد منكم شيئاً بغير حقه إلا لقي الله
وهو يحمله يوم القيامة ، إن كان بعيراً له رغاء ، وإن كان بقرة له خوار ، أو شاة
تيعر ـ ثم رفع يديه حتى رأينا عفرة إبطيه ثم قال : اللهم هل بلغت " قالها ثلاثاً .
(باب الهدية على الشفاعة)
عن أبي أمامة رضى الله عنه مرفوعاً : "
من شفع لأخيه شفاعة فأهدى له هدية عليها فقبلها فقد أتى باباً من أبواب الربا "
رواه أبو داود .
وروى إبراهيم الحربي عن عبد الله
بن مسعود قال : السحت أن يطلب الرجل الحاجة فتقضي له فيهدي إليه فيقبلها ، وله عن
مسروق عنه من رد عن مسلم مظلمة فأعطاه عليها قليلاً أو كثيراً فهو سحت ، قلت : يا أبا عبد
الرحمن ما كنا نرى السحت إلا الرشوة في الحكم قال : ذلك كفر وتلا قوله تعالى :
" ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئل هم الكافرون
" .
(باب الغلول)
وقول الله تعالى : "
وما كان لنبي أن يغل ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة " الآية ، عن
أبي هريرة رضي الله عنه قال لما فتح الله خيبر انطلقنا إلى
الوادي ومع رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد له فلما نزلنا الوادي رمي بسهم فمات
فقلنا هنيئاً له بالشهادة يا رسول الله فقال : كلا والذي نفسي بيده إن الشملة
التي أخذها يوم خيبر لتلتهب عليه ناراً أخذها من المغانم لم تصبها المقاسم " ففزع
الناس فجاء رجل بشراء أو شراكين فقال : يا رسول الله أصبت يوم خيبر فقال : " شراك
أو شراكان من نار " أخرجاه .
(باب طاعة الأمراء)
وقول الله تعالى : " يا
أيها الذين آمنوا أطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم " الآية . وقوله تعالى :
" فاتقوا الله ما استطعتم واسمعوا وأطيعوا
" الآية . عن معاذ
بن جبل مرفوعاً : " الغزو غزوان فأما من غزا ابتغاء وجه الله وأطاع الإمام
وأنفق الكريمة ، وياسر الشريك فإن نومه ونبهته أحر كله . وأما من غزا فخراً ورياء
وسمعة وعصى الإمام وأفسد في الأرض فإنه لن يرجع بالكفاف " رواه أبو داود والنسائي .
وعن ابن عمر مرفوعاً :
" على المرء السمع والطاعة فيما أحب وكره إلا أن يؤمر بمعصية فإذا أمر بمعصية فلا
سمع ولا طاعة " أخرجاه .
(باب الخروج عن الجماعة)
وقول الله تعالى : "
ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين "
الآية . وقوله تعالى : " واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا " الآية .
عن ابن عباس مرفوعاًَ :
" من كره من أميره شيئاً فيصبر فإنه من خرج من السلطان قيد
شبر مات ميتة جاهلية " أخرجاه .
ولمسلم عن حذيفة مرفوعاً :
" ستكون بعدي أئمة لا يهتدون بهدي ، ولا يستنون بسنتي ، وسيقوم فيهم رجال قلوبهم قلوب
الشياطين في جثمان إنس " قلت : يا رسول الله كيف أصنع إن أدركت ذلك قال : " تسمع
وتطيع وإن ضرب ظهرك ، وإن أخذ مالك فاسمع وأطع
" .
وله عن عرفجة الأشجعي
مرفوعاً : " من أتاكم وأمركم جميع على رجل واحد يريد أن يسق عصاكم ،ويفرق جماعتكم فاقتلوه " .
(باب ما جاء في الفتن)
وقول الله تعالى : "
واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة
" الآية . وقوله :
" قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذاباً من فوقكم ، أو من تحت رجلكم أو
يلبسكم شيعاً " الآية .
عن ابن عمروا قال كنا في سفر
فنزلنا منزلاً فنادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم :
الصلاة جامعة . فاجتمعنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال :
" إنه لم يكن نبي قبلي إلا كان حقاً عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه لهم ، وينذرهم
شر ما يعلمه لهم ، وأن أمتكم هذه جعل عافيتها في أولها وسيصيب آخرها بلاء وأمر
تنكرونها . وتجيء فتنية فيرتق بعضها بعضاً وتجيء الفتنة فيقول المؤمن هذه مهلكتي ثم
تنكشف وتجيء الفتنة فيقول المؤمن هذه ، هذه فمن أحب أن يزحزح عن النار ويدخل
الجنة فلتأته منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر وليأت إلى الناس الذي يحب الله أن
يؤتى إليه ومن بايع إمامه فأعطاه صفقة يده ،
وثمرة قلبه فيطعه إن استطاع فإن جاء ينازعه فاشربوا عنق الآخر " رواه مسلم .
وله عن أبي هريرة مرفوعاً :
" بادروا بالأعمال فتناً كقطع الليل المظلم يصبح الرجل مؤمناً ويمسي كافراً ويمسي مؤمناً
ويصبح كافراً يبيع دينه بعرض من الدنيا
" وله عن معقل بن
يسار مرفوعاً " العبادة في الهرج كهجرة إلي
" .
ولهما عن حذيفة أن عمر قال
أيكم يحفظ قول النبي صلى الله عليه وسلم في الفتن ؟ فقلت : أنا فقال : هات فإنك
عليه لجريء ، فقلت : سمعته يقول : " فتنة الرجل في أهله وماله وجاره تكفرها
الصلاة والصيام والصدقة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فقال : ليس هذا أريد إنما
أريد التي تموج كموج البحر فقلت : مالك ولها يا أمير المؤمنين ، إن بينك وبينها
باباً مغلقاً ، فقال أيفتح الباب أم يكسر " قلت بل يكسر قال : ذلك أجدر أن لا يغلق
فقلت لحذيفة أكان عمر يعلم من الباب ؟ قال نعم كما يعلم أن دون غد الليلة إني حدثته
حديثاً ليس بالأغاليط فهبنا أن نسأله من الباب . فقلنا لمسروق اسأله فسأله فقال
: عمر ولمسلم عن أبي بكرة مرفوعاً : " إنها ستكون فتن القاعد فيها خير من الماشي
والماشي فيها خير من الساعي إليها إلا إذا نزلت أو وقعت فمن كان له إبل فليلحق
بإبله ومن كان له غنم فليلحق بغنمه . ومن كان له أرض فليلحق بأرضه فقال رجل يا رسول
الله أرايت من لم يكن له إبل ولا غنم ولا أرض قال : " يعمد إلي سيفه فيدقه بالحجر ثم
لينجو إن استطاع النجاة ثم قال ألا هل قد بلغت " قالها ثلاثاً ثم قال رجل يا رسول
الله أرأيت إن أكرهت حتى ينطلق بي إلى أحد الصفين فيضربني رجل بسفه أو يجيء سهم
فيقتلني قال : يبوء بإثمك وإثمه فيكون من أصحاب النار .
ولابن ماجه عن سعد رضي
الله عنه ولأبي داود قلت يا رسول الله أرأيت إن دخل على بيتي وبسط يده ليقتلني
فقال : " كن كخير ابني آدم " وتلا هذه الآية : لئن بسطت إلى يدك لتقتلني
ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك إني أخاف الله رب العالمين " .
(باب تعظيم
قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق)
عن سالم بن عبد الله بن عمر
قال يا أهل العراق ما أسألكم عن الصغيرة وما أركبكم للكبيرة : سمعت أبي يقول سمعت
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إن الفتنة تجيء من ههنا وأومأ بيده نحو
المشرق حيث يطلع قرن الشيطان وأنتم يضرب بعضكم رقاب بعض وإنما قتل موسى الذي قتل من آل
فرعون خطأ فقال الله تعالى : " وقتلت نفساً فنجيناك من الغم وفتناك فتوناً "
رواه مسلم .
ولهما عن المقداد قلت يا
رسول الله أرأيت إن لقيني رجل من الكفار فاقتتلنا فضرب إحدى يدي بالسيف
فقطعها ثم لاذ مني بشجرة فقال أسلمت لله أقتله ؟ قال :
" لا تقتله فإنك إن قتلته فإنه بمنزلتك قبل أن تقتله وأنت بمنزلته قبل أن يقول كلمته
التي قالها " .
ولهما عن أسامة بن زيد قال
بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الحرقات من جهينة فصبحنا القوم على مياههم
فلحقت أنا ورجل من الأنصار رجلاً منهم فلما غشيناه قال : لا إله إلا الله ، فكف عنه
الأنصاري فطعنته برمحي فقتلته ، فلما قدمنا بلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم
فقال : " يأسامة أقتلته بعد ما قال لا إله إلا الله ؟ ، قلت : يا رسول الله إنما
قالها متعوذاً فقال أقتلته بعد ما قال لا إله إلا الله ؟ " فما زال يكررها حتى
تمنيت أني لم أكن أسلمت قبل ذلك اليوم .
وفي رواية أنه قال : " أفلا
شققت عن قلبه " ـ ولمسلم أنه قال : يا رسول الله استغفر لي فقال : " كيف
تصنع بلا إله إلا الله إذا جاءت يوم القيامة
" .
وللبخاري عن ابن عمر رضي
الله عنهما مرفوعاً : " لا يزال العبد في فسحة من دينه ما لم يصب
دماً حراماً " ـ
(باب تكثير السواد في الفتن)
عن أبي هريرة رضي الله عنه
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من حمل علينا
السلاح فليس منا ، ومن غشنا فليس منا
" رواه مسلم .
وفي البخاري عن محمد بن عبد
الرحمن أبي الأسود قال قطع على أهل المدينة بعث فاكتتبت فيه . فلقيت
عكرمة فأخبرته فنهاني أشد النهي وقال : أخبرني عبد الله أن أناساً من المسلمين كانوا مع
المشركين يكثرون سوادهم ، يأتي السهم فيصيب أحدهم فيقتله أو يضرب فيقتل فأنزل
الله " إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم " الآية ، وقوله : "
ولكن من رضي وتابع " .
(باب ذكر العقوق)
وقول الله تعالى : " أن
أشكر لي ولوالديك إلى المصير "
عن ابن عمر رضي الله عنهما أقبل رجل إلى
النبي صلى الله عليه وسلم فقال : أبايعك على الهجرة والجهاد ، ابتغي الأجر من الله
فقال : " هل لك من والديك أحد حي ؟ " قال : نعم بل كلاهما قال : " فتبتغي الأجر
من الله تعالى ؟ قال : نعم قال : ارجع إلى والديك فأحسن صحبتهما " أخرجاه
واللفظ لمسلم .
وعن معاوية بن جاهمة أن جاهمة رضي
الله عنه جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله أردت أن أغزو وقد
جئت استشيرك فقال : " هل لك من أم ؟ قلت : نعم قال : " فالزمها فإن
الجنة عند رجليها " رواه أحمد والنسائي .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه
أن رجلا قال : يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحبتي ؟
قال أمك ، قال ثم من؟ قال أمك ، قال ثم من ؟ قال أمك . قال ثم من ؟ قال أبوك
" أخرجاه .
وللبخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما
مرفوعاً : " الكبائر الإشراك بالله، وعقوق الوالدين ، وقتل النفس ، واليمين
الغموس " .
(باب ذكر القطيعة)
وقول الله تعالى : "
وما يضل به إلا الفاسقين الذين ينقضون عهد الله من
بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل
" . الآية ، ولهما
عن جبير بن مطعم مرفوعاً : " لا يدخل الجنة قاطع رحم
" .
ولهما عن أبي هريرة رضي الله
عنه مرفوعاً : " إن الله تعالى خلق الخلق حتى إذا فرغ منهم قامت الرحم فقالت هذا مقام
العائذ بك من القطيعة ، قال نعم أما ترضين أن أصل من وصلك ، وأقطع من قطعك ، قالت :
بلى ، قال : فذلك لك . ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اقرأوا إن شئتم :
" فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم " الآية .
(باب أذى الجار)
وقول الله تعالى : " والجار
ذي القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب " الآية .
عن أبي شريح رضي الله
عنه مرفوعاً : " من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فيكرم ضيفه ، ومن كان يؤمن بالله
واليوم الآخر فليحسن إلى جاره ، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو
ليصمت " أخرجه مسلم.
ولهما عن أبي هريرة رضي الله
عنه مرفوعاً : " والله لا يؤمن ، والله لا يؤمن ، والله
لا يؤمن ـ قيل : من يا رسول الله ؟ قال : الذي لا يأمن جاره بوائقه " وفي
رواية : " لا يدخل الجنة من لا يأمن جاره بوائقه
"
البوائق الغوائل والشرور .
وللترمذي وحسنه عن ابن عمر
رضي الله عنه مرفوعاً : " خير الأصحاب عند الله
خيرهم لصاحبه وخير الجيران عند الله خيرهم لجاره
" .
وفي المسند وصحيح الحاكم عن
ابن عمر رضي الله عنه مرفوعاً : " أيما أهل عرصة أصبح فيهم امرؤ جائع فقد برئت منهم
الذمة " .
وفي صحيح الحاكم عن ابن عباس
مرفوعاً : " ليس المؤمن الذي يشبع وجاره جائع " وفي رواية " ما آمن
من بات شبعان وجاره طاوٍ) .
(باب
الاستخفاف بأهل الفضل)
عن ابن هريرة رضي الله عنهما مرفوعاً : "
ليس منا من لم يرحم صغيرنا ، ولم يعرف شرف كبيرنا
" صححه الترمذي .
لأبي داود عن أبي موسى مرفوعاً : " إن من إجلال الله إكرام ذي الشيبة
المسلم وحامل القرآن غير الغالي به ، والجافي عنه ، وإكرام ذي السلطان المقسط
" حديث حسن .
ولأحمد بسند جيد : ليس منا
من لم يرحم كبيرنا ولا يعرف لعالمنا حقه " انتهى .
(باب إغضاب الزوج)
وقول الله تعالى : " فالصالحات
قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله" الآية ، عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً :
" والذي نفسي بيده ما من رجل يدعو امرأته إلى فراشه فتأبى عليه إلا كان الذي في
السماء ساخطاً عليها حتى يرضى عنها زوجها ـ وفي رواية ـ إلا لعنتها الملائكة
حتى تصبح " أخرجاه .
وعنه مرفوعاً : " لو
كنت آمراً أحداً أن يسجد لأحد لأمرت الزوجة أن تسجد لزوجها "
صححه الترمذي .
(باب أذى الصالحين)
وقول الله تعالى : "
والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا " الآية ، عن أبي هبيرة رضي
الله عنه أن أبا سفيان أتى على سلمان وصهيب وبلال في نفر فقالوا : ما أخذت سيوف الله
من عنق عدو الله مأخذها ، فقال أبو بكر : أتقولون هذا لشيخ قريش وسيدهم ؟ فأتى
النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره فقال : " يا أبا بكر لعلك أغضبتهم فقالوا : لا ...
يغفر الله لك يا أخي ، رواه مسلم
وللترمزي وحسنه عن أبي بكرة
مرفوعاً : " من أهان السلطان أهانه الله
" .
(باب ما جاء في الأمانة
والخيانة فيها وتفسير الأمانة)
وقول الله تعالى :
" إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها " الآية . وقوله : "
إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن
منها وحملها الإنسان أنه كان ظلوماً جهولاً " .
وروى البيهقي عن ابن مسعود
رضي الله عنه قال : القتل في سبيل الله يكفر كل شيء
إلا الأمانة والدين ـ يؤتي بالعبد يوم القيامة وإن قتل في سبيل الله فيقال أد
أمانتك فيقول : أي رب كيف وقد ذهبت الدنيا ؟ فيقال انطلقوا به إلى الهاوية فينطلقون
به إليها فتمثل له أمانته كهيئتها يوم دفعت إليه فيراها ويعرفها فيهوى في أثرها حتى
يدركها فيحملها على منكبه حتى إذا ظن أنه خارج (زلت) عن منكبه فهو يهوي في أثرها
أبد الآبدين ، ثم قال الصلاة أمانة والوضوء أمانة والوزن أمانة والكيل أمانة ـ وعدد
أشياء ـ وأشد ذلك الودائع قال فأتيت البراء فقلت ألا ترى إلى ما قال ابن مسعود ؟ قال
كذا وكذا ، قال صدق أما سمعت الله تعالى فيقول : " إن الله يأمركم أن تؤدوا
الأمانات إلى أهلها " قال زيد بن أسلم هي الصوم والغسل من الجنابة وما خفي من الشرائع .
(باب الولايات من الأمانة)
عن أبي هريرة رضي الله عنه
أن أعرابياً سأل النبي صلى الله عليه وسلم متى الساعة ؟ قال : " إذا ضيعت
الأمانة فانتظر الساعة ـ قال كيف إضاعتها قال :
" إذا وسد الأمر
إلى غير أهله فانتظر الساعة " أخرجه البخاري .
(باب النهي عن طلبها
"أي الولاية")
عن عبد الرحمن بن سمرة رضي
الله عنه مرفوعاً : " لا تسأل الإمارة فإنك إن أعطيتها من غير
مسألة أعنت عليها ، وإن أعطيتها عن مسألة وكلت إليها ، وإذا حلفت على يمين فرأيت غيرها
خيراً منها فأت الذي هو خير وكفر عن يمينك
" أخرجاه .
ولمسلم عن أبي ذر رضي الله
عنه قلت يا رسول الله ألا تستعملني ؟ فضرب بيده على منكب ثم قال : " يا
أبا ذر إنك رجل ضيف وإنها أمانة ، وإنها يوم القيامة خزي وندامة إلا من أخذها بحقها
وأدى الذي عليه فيها " .
(باب ما جاء في غش الرعية)
عن معقل بن يسار رضي الله
عنه مرفوعاً : " ما من عبد يسترعيه الله على رعيته فيموت وهو غاش
لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة ـ وفي رواية ـ فلم يحطها بنصيحته لم يجد رائحة الجنة
" . أخرجاه .
(باب الشفقة على الرعية)
وقول الله تعالى : "
واخفض جناحك للمؤمنين : وقوله " فبما رحمة من الله لنت لهم " الآية ، عن عائشة
مرفوعاً أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
" اللهم من ولى من
أمر أمتي شيئاً فشق عليهم فاشقق عليه ، ومن ولي من أمر أمتي شيئاً فرفق بهم
فارفق به " .
(باب الاحتجاب دون الرعية)
عن أبي مريم الأزدي رضي
الله عنه أنه قال لمعاوية سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " من
ولاه الله شيئاً من أمور المسلمين فاحتجب دون حاجتهم وخلتهم وفقرهم احتجب الله دون حاجته
وخلته وفقره يوم القيامة " فجعل معاوية رجلاً على حوائج الناس ، رواه أبو داود
والترمذي ولأبي داود عن عمروا بن مرة الجهني نحوه صححه الحاكم .
(باب
المحاباة في الولاية)
أخرج أحمد والحاكم
وصححه عن يزيد بن أبي سفيان أن أبا بكر قال له : يا يزيد إن لك قرابة فهل عسيت أن
تؤثرهم بالإمارة وذلك أكثر ما أخاف عليك بعد ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
: " من ولي من أمر المسلمين شيئاً فأمر أحداً محاباة فعليه لعنة الله والملائكة
والناس أجمعين لا يقبل الله منه صرفاً ولا عدلاً حتى يدخله جهنم " .
وللحاكم وصححه عن ابن عباس
مرفوعاً : " من استعمل رجلا على عصابة وفيهم من هو أرضى لله منه فقد خان الله ورسوله
والمؤمنين " .
(باب الجور والظلم وخطر
الولاية)
أخرج الحاكم وصححه " ما
من أحد يكون على شيء من أمور هذه الأمة فلم يعدل فيهم إلا كبه الله في
النار " ولهما عن معاذ رضي الله عنه مرفوعاً :
" اتق دعوة
المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب
" .
ولمسلم عن عدي بن عميرة مرفوعاً :
" من استعملناه منكم على عمل فكتم منه خيطاً فما فوقه كان غلولا يأتي به يوم
القيامة " .
ولأحمد عن ابن هريرة رضي
الله عنه مرفوعاً : " ويل للأمراء ، ويل للعرفاء ، ويل للأمناء ليتمنين أقوام
يوم القيامة أن ذوائبهم كانت معلقة بالثريا يذبذبون بين السماء والأرض ولم يكونوا
عملوا على شيء " .
(باب ولاية من لا يحسن العدل)
عن أبي ذر رضي الله عنه
مرفوعاً : " يا أبا ذر إني أراك ضعيفاً وإني أحب لك ما أحب لنفسي لا
تأمرن على اثنين ولا تولين مال يتيم " رواه مسلم .
ولأبي داود عن بريدة رضي
الله عنه مرفوعاً : " القضاة ثلاثة : واحد في الجنة واثنان في النار ، فأما
الذي في الجنة فرجل عرف الحق فقضى به ، ورجل عرف الحق فجار في الحكم فهو في النار ،
ورجل قضى للناس على جهل فهو في النار
" .
ولهما عن أبي هريرة رضي الله
عنه مرفوعاً : " من أفتى فتيا بغير علم كان إثم ذلك على الذي أفتاه
" .
(باب الأمانة في البيع
والشراء والكيل والوزن)
وقول الله تعالى : "
فليؤد الذي ائتمن أمانته " ـ عن حذيفة قال : حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم
حديثين رأيت أحدهما وأنا أنتظر الآخر حدثنا أن الأمانة نزلت في جذر قلوب الرجال ثم نزل
القرآن فعلموا من القرآن وعلموا من السنة . ثم حدثنا عن رفع الأمانة فقال ينام الرجل
النومة فتقبض الأمانة من قلبه فيظل أثرها مثل أثر الوكت ثم ينام النومة فتقبض من
قلبه فيظل أثرها مثل أثر المجل كجمر دحرجته على رجلك فنفط فتراه منتبراً وليس فيه
شيء ثم أخذ حصاة فدحرجها على رجله فيصبح الناس يتبايعون فلا يكاد أحدهم يؤدي
الأمانة حتى يقال إن في بني فلان رجلاً أميناً وحتى يقال للرجل ما أجلده ما أظرفه ما
أعقله ، وما في قلبه مثقال حبة خردل من إيمان . ولقد أتى على زمان وما أبالي أيكم بايعت
لئن كان مسلماً ليردنه على دينه وإن كان يهودياً أو نصرانياً ليردنه على ساعيه .
وأما اليوم فما كنت أبايع منكم إلا فلاناً وفلاناً
" .
الجذر : الأصل ، الوكت :
الأثر اليسير والمجل تنفط من أثر عمل . ومنتبراً : مرتفعاً ، ساعيه : الوالي
عليه .
ولمسلم في حديث الشفاعة :
" ترسل الأمانة والرحم فيقومان بجنبي الصراط
يميناً وشمالاً .
(باب قوله كلكم راع وكلكم
مسئول عن رعيته)
وقول الله تعالى : " يا
أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً " الآية .
عن ابن عمر رضي الله عنهما
قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " كلكم راع
وكلكم مسئول عن رعيته " فالإمام راع ومسئول عن رعيته ،
والرجل راع في أهله ومسئول عن رعيته ، والمرأة راعية على بيت زوجها وولده ومسئولة عن رعيتها
، والولد راع في مال أبيه ومسئول عن رعيته ، والخادم راع في مال سيده ومسئول عن
رعيتهن ، فكلكم راع وكلمكم مسئول عن رعيته متفق عليه.
(باب الرفق بالمملوك)
عن أبي مسعود البدري رضي
الله عنه أنه ضرب عبداً له فقال : النبي صلى الله عليه وسلم : " إن الله
أقدر منك على هذا الغلام ، قلت هو حر لوجه الله تعالى " فقال : " أما إنك لو
لم تفعل للفحتك النار ـ أو لمستك النار
" .
(باب الرفق بالبهائم)
عن أبن عباس رضي الله عنهما
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر على حمار وقد وسم في
وجهه فقال : " لعن الله من فعل هذا ، أو ليس قد نهيت عن هذا ؟
وفي رواية : لعن الله الذي
وسمه " وفي رواية : نهي عن الضرب في الوجه والوسم فيه ، رواه مسلم .
ولهما عن أبي هريرة رضي الله
عنه مرفوعاً : " دخلت النار امرأة في هرة ربطتها فلا هي
أطعمتها ولا هي أرسلتها تأكل من خشاش الأرض حتى ماتت .
ولمسلم عن ابن عمر رضي الله
عنهما مرفوعاً : " كفى بالمرء إثماً أن يحبس عمن يملك قوته "
ولأبي داود : أن يضيع من يقوت .
ولهما عن الحسن رحمه الله
أنه قال لصاحب الجمل الذي لم يعلقه : أما إنه ليحاجك يوم القيامة .
((باب أباق العبد)
عن جرير رضي الله عنه
مرفوعاً : " أيما عبد أبق فقد برئت منه الذمة
"
رواه مسلم .
(باب ظلم الأجير)
عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً : " قال
الله تعالى ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة ومن كنت خصمه خصمته : رجل أعطى بي ثم غدر ،
ورجل باع حراً فأكل ثمنه ، ورجل استأجر أجيراً فاستوفى منه ولم يؤته أجرته
" رواه البخاري .
(باب سؤال المرأة الطلاق)
أخرج الترمذي وحسنه وابن
حبان في صحيحه عن ثوبان رضي الله عنه مرفوعاً : " أيما امرأة سألت زوجها
الطلاق من غير بأس فحرام عليها رائحة الجنة
" .
(باب ما جاء في الديوث)
عن ابن عمر رضي الله عنهما
مرفوعاً : " ثلاثة لا يدخلون الجنة : العاق لوالديه ،
والديوث ورجلة النساء . رواه في المستدرك ،
والطبراني بسند قال المنذري لا أعلم فيه مجروحاً قريب منه : وفيه " الديوث
الذي لا يبالي بمن دخل على أهله ،والجلة التي تتشبه بالرجال " .
(باب ظلم المرأة)
أخرج الطبراني بسند رجاله
ثقات أنه صلى الله عليه وسلم قال : " أيما رجل تزوج امرأة على ما قل من المهر أو
كثر وليس في نفسه أن يؤدي إليها حقها خدعها فمات ولم يؤد إليها حقها لقي الله وهو
زان بها " .
باب الإشارة بالسلاح على وجه اللعب)
عن أبي هريرة رضي الله عنه
مرفوعاً : " لا يشيرن أحدكم إلى أخيه بالسلاح فإنه لا
يدري لعل الشيطان ينزع في يده فيقع في حفرة من النار " أخرجاه
ولمسلم : " من أشار إلى
أخيه بحديدة فإن الملائكة تلعنه حتى يرجها وإن كان أخاه من أبيه وأمه " .
وللترمذي وحسنه عن جابر رضي
الله عنه : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن تعاطي السيف مسلولاً ،
وفي المسند عن أبي بكرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله
عليه وسلم مر على قوم يتعاطون السيف مسلولاً فقال : " لعن الله من فعل
هذا أو ليس قد نهيت عنه ؟ ثم قال إذا سل أحدكم سيفه فنظر إليه ثم أراد أن يناوله أخاه
فليغمده ثم يناوله إياه " .
(باب العصبية)
عن جندب بن عبد الله رضي
الله عنه مرفوعاً : " من قتل تحت راية عمية يدعو عصبية أو
ينصر عصبية فقتلته جاهلية " . رواه مسلم .
ولأبي داود بسند جيد عن ابن
مسعود رضي الله عنه مرفوعاً وموقوفاً
" فمن نصر قومه
على غير الحق فهو كالبعير الذي تردى في بئر فهو ينزع بذنبه
" .
(باب كم آوى محدثاً)
عن على رضي الله عنه قال :
حدثني رسول الله صلى الله عليه وسلم بأربع كلمات : " لعن
الله من ذبح لغير الله ، لعن الله من لعن والديه ، لعن الله من آوى محدثاً ، لعن
الله من غير منار الأرض " رواه مسلم .
كتاب المظالم
(باب ظلم اليتيم)
وقوله تعالى : " إن
الذين يأكلون أموال اليتامى ظلماً إنما يأكلون في بطونهم
ناراً وسيصلون سعيراً " ولهما عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً : "اجتنبوا
السبع الموبقات قالوا : وما هن يا رسول الله ؟ قال : " الشرك والسحر وقتل
النفس التي حرم الله إلا بالحق وأكل الربا وأكل مال اليتيم والتولي يوم الزحف وقذف
المحصنات الغافلات المؤمنات " .
(باب غصب الأرض)
عن سعيد بن زيد رضي الله عنه
مرفوعاً : " من أخذ شبراً من الأرض ظلماً طوقه الله يوم القيامة من سبع
أرضين " . أخرجاه .
(باب الظلم في الأبدان)
عن ابن عمر رضي الله عنهما
مرفوعاً : " ثلاثة لا يقبل الله منهم صلاة : من أم قوماً وهم له كارهون ، ورجل
أتى الصلاة دباراً ، والدبار ـ أن يأتيها بعد أن تفوته ـ ورجل اعتبد محرراً "
رواه أبو داود والطبراني بسند جيد .
وعن أب أمامة رضى الله عنه
مرفوعاً : " من جرد ظهر مسلم بغير حق لقي الله وهو عليه غضبان
" .
(باب الظلم في الأموال)
في الصحيح : " ولا
ينتهب نهبة يرفع الناس إليه فيها أبصارهم حين ينتهبها وهو
مؤمن " .
(باب خذلان المظلوم)
عن سهل بن ضيف رضي الله عنه
مرفوعاً : " من أُذلَّ عنده مسلم فلم ينصره وهو يقدر أن ينصره أذله الله على
رءوس الخلائق يوم القيامة " رواه أحمد ، ولأبي داود عن جابر وأبي طلحة مرفوعاً :
" ما من امريء يخذل امرأً مسلم في موضع تنتهك فيه حرمته وينتقص فيه من عرضه إلا
خذله الله تعالى في موضع يحب فيه نصرته وما من امريء مسلم ينصر امرأً مسلماً في موضع
ينتقص فيه من عرضه وينتهك فيه من حرمته إلا نصره الله في موطن يجب فيه نصرته " .
باب ما جاء في أخوة الإسلام وحق المسلم
على المسلم)
وقول الله تعالى: "
إنما المؤمنون أخوة فاصلحوا بين أخويكم"الآية ، وقوله : " أذلة
على المؤمنين أعزة على الكافرين " الآية .
وفي الصحيح : " لو كنت
متخذاً من أمتي خليلاً لاتخذت أبا بكر خليلاً ولكن أخوة الإسلام أفضل
" وعن أبي موسى رضي الله عنه مرفوعاً :
" المؤمن للمؤمن
كالبنيان يشد بعضه بعضاً " أخرجاه .
ولهما عن النعمان بن بشير رضي
الله عنه مرفوعاً : " مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا
اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى
" .
وعن أبي هريرة رضي
الله عنه مرفوعاً : " لا تحاسدوا ولا تباغضوا ولا تناجشوا ولا تدابروا . ولا يبع
بعضكم على بعض وكونوا عباد الله إخواناً ، المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا
يحقره ، التقوى ههنا ، ـ وأشار إلى صدره ثلاث مرات ـ بحسب امريء من الشر أن يحقر
أخاه المسلم ، كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه " رواه مسلم .
ولهما عن ابن عمر رضي الله
عنهما مرفوعاً : " السلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه ومن كان في حاجة أخيه كان الله
في حاجته ومن فرج عن مسلم كربة من كرب الدنيا فرج الله عنه كربة من كرب يوم
القيامة ومن ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة
" .
ولهما عن أنس رضي الله عنه
مرفوعاً : " لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه " وللبخاري عنه مرفوعاً :
" أنصر أخاك ظالماً أو مظلوماً " . فقال رجل : يا رسول الله إن كان ظالماً كيف أنصره
قال : " تحجزه وتمنعه من الظلم فذلك نصرك إياه " والله تعالى أعلم .
تم بحمد الله ومنته وصلى الله
على سيدنا محمد وسلم تسليماً كثيراً.
==============
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق