Translate

الاثنين، 7 مارس 2022

كتاب اعتقادات المجلسي/المقدمة

 

اعتقادات المجلسي/المقدمة





بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي سهل لنا سلوك شرائع الدين، وأوضح أعلامه، وبين لنا مناهج اليقين، فأكمل بذلك علينا إنعامه، وخصّنا بسيد أنبيائه ونخبة أصفيائه، فاستنقذنا به من شفا جرف الهلكات، وبصّرنا به طريق الإرتقاء على أعالي الدرجات. وأكرمنا بأهل بيت نبيّه سادات البشر وشفعاء يوم المحشر، فنوّر قلوبنا بأنوار هدايتهم، وشرح صدورنا بأسرار محبّتهم، صلوات الله عليه وعليهم أبد الآبدين، ولعنة الله على أعدائهم أجمعين.

أما بعد، فيقول المفتاق إلى رحمة ربه الغافر، ابن محمد تقي، محمد باقر - أُوتيا كتابهما يميناً وحُوسبا حساباً يسيراً -: إنه قد سألني بعض من هداه الله تعالى إلى طلب مسالك الحق والرشاد، وأودع قلبه خوف المعاد، أن أبين له ما هداني الله تعالى إليه من طريق النجاة في هذا الزمان الذي اشتبه على الناس الطرق، وأظلم عليهم المسالك، واستحوذ الشيطان على أوليائه فأوردهم المهالك، فنصب الشيطان وأحزابه من الجن والإنس على طريق السالكين إلى الله فخوخهم ومصائدهم يميناً وشمالاً، وسوّلوا لهم على مثال الحق بدعة وضلالة.

فوجب عليّ أن أبين له مناهج الحق والنجاة، بأعلام نيّرة ودلائل واضحة، وإن كنت على وجل من فراعنة أهل البدع وطغاتهم.

فاعلموا يا إخواني أني لا آلوكم نصحاً ولا أطوي عنكم كشحاً في بيان ما ظهر لي من الحق، وإن أرغمت منه المراغم، فلا أخاف في الله لومة لائم.

يا إخواني، لا تذهبوا شمالاً ويميناً، واعلموا يقيناً أن الله تعالى أكرم نبيه محمداً Salla-l-Allah-u-'Alayh-i-wa-'Aaleh.png وأهل بيته سلام الله عليهم أجمعين، ففضلهم على جميع خلقه، وجعلهم معادن رحمته وعلمه وحكمته، فهم المقصودون في إيجاد عالم الوجود، والمخصوصون بالشفاعة الكبرى والمقام المحمود، ومعنى الشفاعة الكبرى أنهم وسائط فيوض الله تعالى في هذه النشأة والنشأة الأخرى إذ هم القابلون للفيوض الإلهية والرحمات القدسية، وبتطفلهم تفيض الرحمة على سائر الموجودات.

وهذه هي الحكمة في لزوم الصلاة عليهم والتوسل بهم في كل حاجة، لأنه إذا صلى عليهم لا يرد، لأن المبدأ فياض، والمحل قابل، وببركتهم تفيض على الداعي بل على جميع الخلق.

أمثّل لكم مثالاً، تقريباً إلى أفهامكم، مثلاً إذا جاء كردي أو أعرابي جاهل غير مستأهل للإكرام إلى باب سلطان، فأمر له السلطان ببسط الموائد وأنواع الكرائم والفوائد، ينسبه العقلاء إلى قلة العقل وسخافة الرأي بخلاف ما إذا بسط ذلك لأحد من مقدمي حضرته أو وزرائه أو أمراء أجناده، فحضر الكردي أو الأعرابي تلك المائدة فأكل يكون مستحسناً، بل لو أكل منه آلاف أمثاله يعد من جميل الكرم، بل ربما يعد منعهم قبيحاً.

وأيضاً، لمّا كنا في غاية البعد عن جناب قدسه تعالى وحريم ملكوته، وما كنا مرتبطين بساحة عزّه وجبروته؛ فلا بد أن يكون بيننا وبين ربنا سفراء وحجب ذوو جهات قدسية وحالات بشرية يكون لهم بالجهات الأولى ارتباط بالجناب الأعلى، بها يأخذون عنه الأحكام والحكم، ويكون لهم بالجهات الثانية مناسبة للخلق، يلقون إليهم ما أخذوا عن ربهم.

فلذا جعل الله تعالى سفراءه وأنبياءه ظاهراً من جنس البشر، وباطناً متباينين عنهم في أطوارهم وأخلاقهم ونفوسهم وقابليّاتهم، فهم مقدّسون روحانيون قائلون: {إِنَّمَا أَنَاْ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ}، لئلا ينفر عنهم أمتهم، ويقبلوا عليهم ويأنسوا بهم لكونهم من جنسهم وشكلهم، وإليه يشير قوله تعالى: {وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكًا لَّجَعَلْنَاهُ رَجُلًا وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِم مَّا يَلْبِسُونَ}. وبه يمكن تفسير الخبر المشهور في العقل، بأن يكون المراد بالعقل نفس النبي (صلى الله عليه وآله) وأمره بالإقبال عبارة عن طلبه إلى مراتب الفضل والكمال والقرب والوصال، وإدباره عن التوجّه بعد وصوله إلى أقصى مراتب الكمال إلى التنزّل عن تلك المرتبة والتوجّه إلى تكميل الخلق.

ويمكن أن يكون قوله تعالى: { قَدْ أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْرًا رَّسُولا} مشيراً إليه بأن يكون إنزال الرسول كناية عن تنزله عن تلك الدرجة القصوى التي لا يسعها ملك مقرب ولا نبي مرسل إلى معاشرة الخلق وهدايتهم ومؤانستهم.

فكذلك في إفاضة سائر الفيوض والكمالات، هم وسائط بين ربهم وبين سائر الموجودات، فكل فيض وجود يبتدأ بهم (صلوات الله عليهم)، ثم ينقسم على سائر الخلق، ففي الصلاة عليهم استجلاب للرحمة إلى معدنها، وللفيوض إلى مقسّمها، لتنقسم على سائر البرايا.

ثم اعلموا أن الله تعالى لما أكمل نبيه Salla-l-Allah-u-'Alayh-i-wa-'Aaleh.png، قال: {وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا}، فيجب علينا بنصّه تعالى متابعة النبي Salla-l-Allah-u-'Alayh-i-wa-'Aaleh.png في أصول ديننا وفروعه وأمور معاشنا ومعادنا، وأخذ جميع أمورنا عنه.

وأنه Salla-l-Allah-u-'Alayh-i-wa-'Aaleh.png أودع حكمه ومعارفه وأحكامه وآثاره وما نزل عليه من الآيات القرآنية والمعجزات الربّانية، أهل بيته صلوات الله عليهم، فقال بالنصّ المتواتر: إني تارك فيكم الثقلين، كتاب الله وعترتي أهل بيتي، لن يفترقا حتّى يردا عليَّ الحوض، وقد ظهر من الأخبار المستفيضة أن علم القرآن عندهم صلوات الله عليهم، وهذا الخبر المتواتر يدل عليه أيضاً.

ثم إنهم صلوات الله عليهم تركوا بيننا أخبارهم، فليس لنا في هذا الزمان إلا التمسك بأخبارهم والتدبّر في آثارهم، فترك أكثر الناس في زماننا آثار أهل بيت نبيهم واستبدوا بآرائهم؛ فمنهم من سلك مسلك الحكماء الذي ضلّوا وأضلّوا، ولم يقرّوا بنبي ولم يؤمنوا بكتاب، واعتمدوا على عقولهم الفاسدة وآرائهم الكاسدة، فاتخذوهم أئمة وقادة.

فهم يؤولون النصوص الصريحة الصحيحة عن أئمة الهدى صلوات الله عليهم بأنه لا يوافق ما ذهب إليه الحكماء مع أنهم يرون أن دلائلهم وشبههم لا تفيد ظناً ولا وهماً، بل ليس أفكارهم إلا كنسج العنكبوت، وأيضاً يرون تخالف أهوائهم وتباين آرائهم، فمنهم مشاؤون، ومنهم إشراقيون، قلّ ما يوافق رأي إحدى الطائفتين رأي الأخرى، ومعاذ الله أن يتكلّ الناس إلى عقولهم في أصول العقائد، فيتحيّرون في مراتع الجهالات.

ولعمري إنهم كيف يجترئون أن يؤولوا النصوص الواضحة الصادرة عن أهل بيت العصمة والطهارة لحسن ظنهم بيوناني كافر لا يعتقد ديناً ولا مذهباً!

وطائفة من أهل دهرنا اتخذوا البدع ديناً يعبدون الله به، وسموه بالتصوف، فاتخذوا الرهبانية عبادة مع أن نبينا Salla-l-Allah-u-'Alayh-i-wa-'Aaleh.png قد نهى عنها، وأمر بالتزويج، ومعاشرة الخلق، والحضور في الجماعة، والاجتماع مع المؤمنين في مجالسهم، وهداية بعضهم بعضاً، وتعلّم أحكام الله تعالى وتعليمها، وعيادة المرضى، وتشييع الجنائز، وزيارة المؤمنين، والسعي في حوائجهم، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإقامة حدود الله، ونشر أحكام الله، والرهبانية التي ابتدعوها تستلزم ترك جميع تلك الفرائض والسنن.

ثم إنهم في تلك الرهبانية أحدثوا عبادات مخترعة؛ فمنها الذكر الخفي، الذي هو عمل خاص على هيئة خاصة لم يرد به نص ولا خبر، ولم يوجد في كتاب ولا أثر، ومثل هذا بدعة محرمة بلا شك ولا ريب. قال رسول الله Salla-l-Allah-u-'Alayh-i-wa-'Aaleh.png: «كل بدعة ضلالة، وكل ضلالة سبيلها إلى النار». ومنها الذكر الجلي الذي يتغنون فيه بالأشعار، ويشهقون شهيق الحمار، ويعبدون الله بالمكاء والتصدية. ويزعمون أن ليس لله تبارك وتعالى عبادة سوى هذين الذكرين المبتدعين، ويتركون جميع السنن والنوافل، ويقنعون من الصلاة الفريضة بنقر كنقر الغراب، ولولا خوف العلماء لكانوا يتركونها رأساً، ثم إنهم لعنهم الله لا يقنعون بتلك البدع؛ بل يحرفون أصول الدين، ويقولون بوحدة الوجود، والمعنى المشهور في هذا الزمان المسموع من مشائخهم، كفر بالله العظيم، ويقولون بالجبر وسقوط العبادات وغيرها من الأصول الفاسدة السخيفة.

فاحذروا يا إخواني، واحفظوا إيمانكم وأديانكم من وساوس هؤلاء الشياطين وتسويلاتهم، وإياكم أن تخدعوا من أطوارهم المتصنعة التي تعلقت بقلوب الجاهلين.

فها أنا ذا أحرر مجملاً مما تبين وظهر لي من الأخبار المتواترة من أصول المذهب لئلّا تضلوا بخدعهم وغرورهم، وأتمم حجة ربكم عليكم، وأؤدي ما وصل إليَّ من مواليكم إليكم، {لِّيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَن بَيِّنَةٍ}. وأتلوا عليكم ما أردت إيراده في بابين.

==========

 




اعلموا أنّ ربكم سبحانه قد علّمكم في كتابه طريق العلم بوجوده وصفاته، فأمركم بالتدبّر فيما أودع في آفاق السماوات والأرض وفي أنفسكم من غرائب الصنع وبدائع الحكمة، فإذا تأمّلتم وتفكّرتم بصريح عقلكم؛ أيقنتم أنّ لكم رباً حكيماً عليماً قادراً لا يجوز عليه الظلم والقبيح.

ثمّ إن ربكم بعث إليكم نبيَّاً مؤيَّداً بالآيات الظاهرة والمعجزات الباهرة، ويشهد بديهة العقل بأنه لا يجوز على الله أن يجري على يد كاذب أمثال هذه الآيات والمعجزات.

فإذا أيقنت بصدق هذا النبي Salla-l-Allah-u-'Alayh-i-wa-'Aaleh.png واعتقدته؛ يلزمك أن تتبعه وتعتقد أنّه صادق في كلّ ما يخبرك به في أصول الدين وفروع. فمما ثبت في الدين بالآيات والأخبار المتواترة، هو:

أنّه تعالى واحد لا شريك له في ملكه، ولا يجوز عبادة غيره، ولم يستعن في خلق العالم بأحد غيره، وأنه أحدي الذات، ليس له أجزاء خارجية ولا وهمية ولا عقلية، وأنه أحدي المعنى، ليس له صفات زائدة، بل صفاته عين ذاته، وأنه أزلي لا انتهاء لوجوده في جانب الأزل، أبدي يمتنع الفناء عليه أزلاً وأبداً، وأنه ليس بجسم ولا جسماني، ولا زماني، ولا مكاني، وأنه حي لا حياة زائدة ولا كيفية، ومريد بلا خطور بال ولا تفكر ولا روية، وأنه يفعل بالاختيار، وهو غير مجبور في أفعاله، وأنه على كل شيء قدير، وأنه لو أراد خلق آلاف أمثال هذا العالم، لخلقها بلا مادّة ولا مدّة لا على ما يزعمه الحكيم أنّه لا يكون خلق الأجسام إلّا بمادة قديمة واستداد. وأنّه تعالى عالم بجميع الأشياء جزئياتها وكلياته، وأن علمه بما كان وبما يكون على نهج واحد، ولا يتغير علمه بالشيء بعد إيجاده، وأنه لا يعزب عن علمه مثقال ذرّة في الأرض ولا في السماء، لا على ما يزعمه الحكيم أنه لا يعلم الجزئيات، والقول به كفر.

ولا يلزم بل لا يجوز التفكير في كيفية علمه أنه حضوري أو حصولي ولا في سائر صفاته أكثر مما قرّروا وبيّنوا لنا، فإنه يرجع إلى التفكّر في ذاته تعالى، وقد نُهينا عن التفكّر فيه في أخبار كثيرة.

وأنّه تعالى لا يفعل شيئاً إلّا لحكمة ومصلحة، وأنّه لا يظلم أحداً، ولا يكلّف أحداً ما لا يطيقه، وأنّه كلّف العباد لمصالحهم ومنافعهم، ولهم الاختيار في الفعل والترك، وأنه لا جبر ولا تفويض، بل أمر بين أمرين.

فالقول بأنّ العباد مجبورون في أفعالهم يستلزم الظلم، وهو على الله تعالى محال، والقول به كفر.

والقول بأن لا مدخل لله تعالى مطلقاً في أفعال العباد كفر، بل الله تعالى مدخل بالهداية والتوفيقات وتركها، وهو المعبّر عنه في عرف الشرع بالإضلال، ولكن بتلك الهدايات لا يصير العبد مجبوراً بالفعل، ولا بتركها في الترك. كما إذا كلّف السيّد عبده بتكليف وأوعد على تركه عقوبه وفهّمه ذلك؛ فإذا اكتفى بهذا ولم يفعل العبد، لا يعدّ العقلاء عقابه قبيحاً. ولو أكّد السيّد هذا التكليف بتأكيدات وتهديدات وملاطفات، ووكّل عليه مؤكّداً ومحصّلاً، لا يجبره عليه ففعل، يعلم العقلاء أنّه لم يصر مجبوراً بذلك على الفعل، وهذا القدر من الواسطة ممّا دلّت عليه الأخبار، وليس لك التفكّر في شبه القضاء والقدر والخوض فيها، فإنّ الأئمة (صلوات الله عليهم) قد نهونا عن التفكّر فيها، فإنّ فيها شبهاً قويّة تعجز عقول أكثر الناس عن حلّها، وقد ضلّ فيها كثير من العلماء، فإيّاك والتفكّر والتعمّق فيها، فإنّه لا يفيدك إلّا ضلالاً، ولا يزيدك إلّا جهلاً.

ثم يجب أن تؤمن بحقيّة جميع الأنبياء والمرسلين مجملاً وعصمتهم وطهارتهم، وإنكار نبوتهم أو سبّهم أو الاستهزاء بهم أو قول ما يوجب الإزراء بشأنهم كفر. وأمّا المشهورون منهم، كآدم ونوح وموسى وعيسى وداوود وسليمان وسائر من ذكره الله في القرآن، فيجب أن تؤمن بهم على الخصوص وبكتبهم، ومن أنكر واحداً منهم، فقد أنكر الجميع وكفر بما أنزل الله.

ويجب أن تؤمن بحقيّة القرآن وما فيه مجملاً، وكونه منزلاً من عند الله تعالى، وكونه معجزاً، وإنكاره والاستخاف به كفر، وكذا فعل ما يستلزم الاستخفاف به، كحرقه من غير ضرورة، وإلقائه في القاذروات، وأما ما لا يستلزم ذلك، كمد الرجل نحوه، فإن قصد الاستخفاف، كفر، وإلّا؛ فلا.

وكذا يجب تعظيم الكعبة، والاستخفاف بها، وفعل ما يوجب الاستخفاف بها كفر، كالحدث فيها اختياراً، وقول ما يوجب الإهانة بها، وكذا كتب أحاديث النبي Salla-l-Allah-u-'Alayh-i-wa-'Aaleh.png والأئمة 3alayhom-us-Salam.png، وبعضها يخرج عن دين الأئمة.

وكذا يجب الاعتقاد بوجود الملائكة، وكونهم أجساماً لطيفة، وأنّ لبعضهم أجنحة، ولهم صعوداً ونزولاً، وإنكار المشاهير منهم كجبرئيل وعزرائيل وميكائيل وإسرافيل وإنكار جسميّتهم كفر.

ويجب القول بعصمتهم وطهارتهم، ويجب تعظيمهم، والاستخفاف بهم وسبهم وقول ما يوجب الإزراء بهم كفر.

وكذا عبادة الصنم والسجود لغير الله تعالى مطلقاً بقصد العبادة كفر.

والقول بحلوله تعالى في غيره كما قاله بعض الصوفية والغلاة أو اتحاده مع غيره كما قاله بعضهم، أو أنّ له تعالى صاحبة أو ولداً أو شريكاً كما قاله النصارى، أو أنّه تعالى جسم أو أنّ له مكاناً كالعرش وغيره، أو أنّ له صورةً أو جزءاً أو عضواً، فكلّ ذلك كفر.

واعلم أنّه لا يمكن رؤيته تعالى بالبصر لا في الدنيا ولا في الآخرة، وما ورد في ذلك مؤول، وأن لا يمكن الوصول إلى كنه حقيقة ذاته أو صفاته.

وأن التعطيل ونفي جميع صفاته تعالى عنه باطل، كما يلزم على القائلين بالاشتراك اللفظي، بل يجب إثبات صفاته تعالى على وجه لا يتضمّن نقصاً.

كما نقول: إنّه عالم، لكن لا كعلم المخلوقين، بأن يكون حادثاً أو يمكن زواله، أو يكون بحدوث صورة، أو بآلة، أو معلولاً بعلّة، فأثبت له تعالى الصفة ونفيت عنها ما يقارنها فينا من صفات، ولا تعلمها بكنه حقيقتها.

وتقول: إنّه تعالى قادر على كلّ ممكن، والقدرة فينا بصفة زائدة حادثة وآلات وأدوات، فتنفي عنه تلك الأمور، فتقول بذاته بلا صفة زائدة ولا كيفية حادثة، وبلا آلة، فذاته البسيطة كافية في إيجاد كل شيء.

وتقول: إنّه تعالى مريد، والإرادة فينا تتضمّن أموراً تصوراً لذلك الفعل، وتصوّر منفعة، وتصديقاً بحصولها وترتّبها عليه، مع تردّد وتروٍ غالباً، حتى ينتهي إلى العزم فينبعث في النفس شوق يوجب تحريك العضلات والأدوات، حتى يصدر منّا ذلك الفعل. وإرادته تعالى ليست إلّا علمه القديمي الذاتيّ بالشيء بما فيه من المصلحة، ثم إيجاده في زمان تكون المصلحة في إيجاده، فالإرادة إمّا إيجاده للشيء كما ورد في الأخبار، أو علمه بكونه أصلح كما قاله المتكلّمون.

وكذا تقول: إنّه سميع بصير، وما هو كمال فينا من السمع والبصر، هو العلم بالمسموعات والمبصرات، وأمّا كونهما بآلتي السمع والبصر مع سائر شرائطهما، فإنّما هو لعجزنا واحتياجنا إلى الآلات.

وأمّا فيه تعالى فليس إلّا علمه بالمسموعات والمبصرات أزلاً وأبداً بذاته البسيطة من غير حدوث صورة وآلة واشتراط وجود ذلك الشيء فإنّها صفات النقص.

وكذا تقول أنه حي والحياة فينا إنمّا هو صفة زائدة تقتضي الحسّ والحركة، وفيه تعالى ثابت على وجه لا يتضمّن النقص، فإنه حي بذاته لأنّه يصدر منه الأفعال، ويعلم جميع الأمور، فذاته البسيطة تقوم مقام الصفات والآلات فينا، فما هو كمال في الحياة من كونه مدركاً فعالاً، ثابت له تعالى، وما هو نقص من الاحتياج إلى الكيفيات والآلات منفي عنه تعالى.

وكذا تقول: إنه متكلّم، والكلام فينا إنّما يكون بآلات وأدوات، وكلامه تعالى إيجاد الأصوات في أيّ شيء أراد، أو إيجاده النقوش في أي شيء أراد، أو إلقاء الكلام في نفس ملك أو نبي، أو غير ذلك. فلا يقوم به ولا يحتاج في ذلك إلى آلة، وهو حادث، وهو من صفات فعله تعالى، وأمّا ما هو كمال ذاتيّ من ذلك، فهو قدرته تعالى على إيجاد الكلام، أو علمه بمدلولاته، وهما قديمان من صفاته الذاتية غير زائدين على ذاته تعالى.

وهكذا في جميع صفاته تعالى، فلا تنف عنه تعالى الصفة، ولا تثبت له ما يوجب نقصاً وعجزاً، ثم اعلم أنّه تعالى صادق لا يجوز عليه الكذب.

ثمّ لا بد أن تعتقد أن العالم حادث، أي جميع ما سوى الله بمعنى أنه تنتهي أزمنة وجودها في الأزل إلى حد وتنقطع، لا على ما أوّله الملاحدة من الحدوث الذاتي، فإنّ على المعنى الذي ذكرنا إجماع الملّيين والأخبار به متظافرة متواترة، فالقول بقدم العالم، وبالعقول القديمة والهيولى القديمة كما يقوله الحكماء كفر.

ثم اعلم أن إنكار ما عُلم ثبوته من الدين ضرورة، بحيث لا يخفى على أحد من المسلمين إلّا ما شذّ ، كفر يستحق منكره القتل. وهي كثيرة: كوجوب الصلوات الخمس وأعداد ركعاتها وأوقاتها في الجملة، واشتمالها على الركوع والسجود، بل على تكبيرة الإحرام والقيام والقراءة على الأظهر، واشتراطها بالطهارة مجملاً. ووجوب الغسل من الجنابة والحيض بل النفاس على الأظهر، بل كون البول والغائط والريح ناقضاً للوضوء على احتمال، وكوجوب غسل الأموات والصلاة عليهم ودفنهم. ووجوب الزكاة، وصوم شهر رمضان، وكون الأكل والشرب المعتادين، والجماع في قبل المرأة ناقضاً له، ووجوب الحج واشتماله على الطواف بل السعي بن الصفا والمروة والإحرام والوقوف بعرفات ومشعر، بل الذبح والحلق والرمي في الجملة أعمّ من الوجوب والاستحباب على احتمال. ووجوب الجهاد في الجملة على الأظهر، ورجحان الجماعة في الصلاة، والصدقة على المساكين، وفضل العلم وأهله، وفضل الصدق النافع، ومرجوحيّة الكذب الغير النافع. وحرمة الزنا واللواط، وشرب الخمر دون النبيذ، لأنه مما لم يجمع عليه المسلمون، وأكل لحم الكلب والخنزير والدم والميتة. وحرمة نكاح الأمهات والأخوات والبنات وبنات الأخ وبنات الأخت والعمات والخالات بل أم الزوجة وأختها معها على الأظهر. وحرمة الربا في الجملة على احتمال، وحرمة الظلم، وأكل مال الغير بلا جهة تحلله، وحرمة القتل بغير حق، بل مرجوحية السبّ والقذف. ورجحان السلام وردّه على الأظهر، ورجحان برّ الوالدين ومرجوحية عقوقهما، بل رجحان صلة الأرحام على احتمال، وغير ذلك مما اشتهر بينهم، بحيث لا يشكّ فيه إلا من شذّ منهم.

وأما إنكار ما عُلم ضرورة من مذهب الإمامية، فهو يلحق فاعله بالمخالفين، ويخرجه عن التديّن بدين الأئمة الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين كإمامة الأئمة الإثني عشر 3alayhom-us-Salam.png وفضلهم وعلمهم، ووجوب طاعتهم، وفضل زيارتهم، وأمّا مودتهم وتعظيمهم في الجملة، فمن ضروريات دين الإسلام، ومنكره كافر كالنواصب والخوارج.

وممَّا عد من ضروريات دين الإمامية؛ استحلال المتعة وحج التمتع، والبراءة من أبي بكر وعمر وعثمان ومعاوية ويزيد بن معاوية وكل من حارب أمير المؤمنين صلوات الله عليه أو غيره من الأئمة، ومن جميع قتلة الحسين صلوات الله عليه وقول «حي على خير العمل» في الأذان.

ثم لا بد أن تعتقد في النبي Salla-l-Allah-u-'Alayh-i-wa-'Aaleh.png والأئمة (صلوات الله عليهم) أنهم معصومون من أول العمر إلى آخره، من صغائر الذنوب وكبائرها، وكذا في جميع الأنبياء والملائكة، وأنهم أشرف المخلوقات جميعاً، وأنهم أفضل من جميع الأنبياء والملائكة، وأنهم يعلمون علوم جميع الأنبياء، وأنهم يعلمون علم ما كان وعلم ما يكون إلى يوم القيامة.

وأن عندهم آثار الأنبياء وكتبهم كالتوراة والإنجيل والزبور وصحف آدم وإبراهيم وشيث، وعصا موسى، وخاتم سليمان، وقميص إبراهيم، والتابوت، والألواح، وغير ذلك.

وأنه كان جهاد من جاهد منهم، وقعود من قعد عن الجهاد، وسكوت من سكت، ونطق من نطق، وجميع أحوالهم وأقوالهم وأفعالهم بأمر الله تعالى. وأن كل ما علمه رسول الله Salla-l-Allah-u-'Alayh-i-wa-'Aaleh.png؛ علمه علياً عليه السلام، وكذا كل لاحق يعلم جميع علم السابق عند إمامته، وأنهم لا يقولون برأي ولا اجتهاد، بل يعلمون جميع الأحكام من الله تعالى، ولا يجهلون شيئاً يسألون عنه، ويعلمون جميع اللغات، وجميع أصناف الناس بالإيمان والكفر، ويعرض عليهم أعمال هذه الأمة كل يوم أبرارها وفجارها.

ولا تعتقد أنهم خلقوا العالم بأمر الله تعالى، فإنا قد نهينا في صحاح الأخبار عن القول به، ولا عبرة بما رواه البرسي وغيره من الأخبار الضعيفة، ولا يجوز عليهم السهو والنسيان، وما ورد به من الأخبار محمولة على التقية.

ويجب عليك أن تقر بالمعراج الجسماني وأنه عرج ببدنه وتجاوز عن السماوات، ولا تصغ إلى شبه الحكماء في نفي الخرق والالتئام على الأفلاك، فإنها واهية ضعيفة، والمعراج من ضروريات الدين، وإنكاره كفر.

وأن تكون في مقام التسليم في كل ما وصل إليك من أخبارهم، فإن أدركه فهمك ووصل إليه عقلك، تؤمن به تفصيلاً، وإلا، فتؤمن به إجمالاً وترد علمه إليهم.

وإيّاك أن ترد شيئاً من أخبارهم لضعف عقلك، لعله يكون منهم ورددته لسوء فهمك، فكذّبت الله فوق عرشه، كما قال الصادق عليه السلام.

واعلم أن علومهم عجيبة، وأطوارهم غريبة، لا تصل إليها عقولنا، فلا يجوز لنا رد ما وصل إلينا من ذلك. ثم اعلم أنه يجب الإقرار بحضور النبي Salla-l-Allah-u-'Alayh-i-wa-'Aaleh.png والأئمة الإثني عشر 3alayhom-us-Salam.png عند موت الأبرار والفجار والمؤمنين والكفار، فينفعون المؤمنين بشفاعتهم في تسهيل غمرات الموت وسكراته عليهم، ويشددون على المنافقين ومبغضي أهل البيت 3alayhom-us-Salam.png.

وورد في الأخبار أن الماء الذي يسيل من أعين المؤمنين عند الموت هو من شدة فرحهم وسرورهم برؤيتهم النبي Salla-l-Allah-u-'Alayh-i-wa-'Aaleh.png والأئمة 3alayhom-us-Salam.png ويجب الإقرار بذلك مجملاً. ولا يلزم التفكر في كيفية ذلك، وأنهم يحضرون في الأجساد الأصلية أو المثالية أو بغير ذلك، ولا يجوز التأويل بالعلم أو انتقاش الصور في القوى الخيالية، فإنه تحريف لما ثبت في الدين، وتضييع لعقائد المؤمنين.

ويجب الإيمان بأن الروح باقٍ بعد مفارقة الجسد، ويتعلق بجسد مثل هذا الجسد، وهو مع جنازته ويطلع على مشيعيه، فإذا كان مؤمناً يناشدهم في التعجيل، ليصل إلى ما أعد الله له من الدرجات الرفيعة والنعم العظيمة، وإن كان منافقاً، يناشدهم في عدم التعجيل، حذراً مما أعد له من العقوبات.

وهو مع غاسله ومقلبه ومشيعه حتى إذا دفن في قبره ورجع مشيعوه، ينتقل الروح إلى جسده الأصلي.

فيجيئه الملكان منكر ونكير في صورة مهيبة إن كان مذباً، ومبشر وبشير في صورة حسنة إن كان من الأبرار، فيسألانه عن عقائده ومن يعتقده من الأئمة واحداً بعد واحد، فإن لم يجب عن واحد منهم، يضربانه بعمود من نار يتملئ قبره ناراً إلى يوم القيامة، وإن أجاب يبشرانه بكرامة من الله تعالى، ويقولان له: نم نومة عروس قرير العين.

وإياك إياك، أن تؤول هذين الملكين وسؤالهما، فإنه من ضروريات الدين، وإياك أن تصغي إلى تأويلات الملاحدة في جميع الملائكة بالعقول والنفوس الفلكية، فإنه قد تظافرت الآيات وتواترت الأخبار بكونهم أجساماً لطيفة يقدرون على التشكل بأشكال مختلفة، ويراهم رسول الله والأئمة 3alayhom-us-Salam.png، وأنهم أولو أجنحة مثنى وثلاث ورباع، وأنهم أكثر خلق الله وأعظمها.

وقد وردت في الأخبار الكثيرة عن كل واحد من الأئمة 3alayhom-us-Salam.png في كيفياتهم وعظمتهم وغرائب خلقهم وشؤونهم وأشغالهم وأطوارهم.

ويجب أن تعتقد أن السماوات غير متطابقة، بل من كل سماء إلى سماء خمسمائة سنة، وما بينهما مملوة من الملائكة، وقد ورد في الأحاديث أنه ما من موضع قدم في السماوات إلا وفيها ملك يسبح الله ويقدسه.

ويجب أن تعتقد عصمة الملائكة، ولا تصغ إلى ما اشتهر بين عوام الناس وفي التواريخ والتفاسير المأخوذة من كتب العامة، وهم أخذوا من تواريخ اليهود من قصة هاروت وماروت وتخطئة الأنبياء، فإنه قد ورد في أخبارنا الرد عليها وتفسير الآيات الواردة فيها على وجه لا يتضمن فسقهم وخطأهم، ولا يسع هذه الرسالة ذكر تفاصيلها.

ثم اعلم أنه يلزمك الإيمان والإذعان بضغطة القبر في الجملة، وأما إنها عامة لجميع الناس، أو مخصوصة بغير كمل المؤمنين؛ يظهر من كثير من الأخبار الثاني.

ولا بد من الإذعان بكون الضغطة في الجسد الأصلي لا المثالي، وبأن بعد السؤال والضغطة ينتقلون إلى أجسادهم المثالية، فقد يكونون على قبورهم ويطلعون على زوارهم ويأنسون بهم، وينتفعون بزيارتهم إن كانوا مؤمنين.

وقد ينتقلون إلى وادي السلام، وهي النجف على مشرفها ألف تحية، وقد ينتقلون إلى جنة الدنيا، فيتنعمون بنعيمها، ويأكلون من فواكهها ويشربون من أنهارها، كما قال الله تعالى: {وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ}.

وإن كانوا كافرين معاندين، يُذهب بهم إلى نار الدنيا، فيعذبون إلى يوم القيامة، وإن كانوا مستضعفين فظاهر بعض الأخبار أنهم يُمهلون إلى يوم القيامة، لا يُنعمون ولا يُعذبون.

ويجب أن تعتقد أن الله تعالى في الدنيا جنة وناراً سوى جنة الخلد ونار الخلد، بل ورد الخبر عن الرضا عليه السلام أن جنة آدم أيضاً كانت جنة الدنيا لا جنة الخلد.

ويجب الإذعان بالجنة والنار على حسب ما ورد عن صاحب الشرع معلوماً، وتأويلهما بالمعلومات الحقة والباطلة والأخلاق الحسنة والردية كفر وإلحاد، بل يجب الإذعان بكونهما مخلوقتين بالفعل، لا أنهم سيخلقان بعد ذلك، وقد ورد عن الرضا عليه السلام أن من أنكر ذلك، فهو منكر للآيات ولمعراج النبي Salla-l-Allah-u-'Alayh-i-wa-'Aaleh.png، وهو كافر.

ويجب أن تؤمن بالرجعة، فإنها من خصائص الشيعة، واشتهر ثبوتها عن الأئمة 3alayhom-us-Salam.png بين الخاصة والعامة، وقد روي عنهم 3alayhom-us-Salam.png: «ليس منا من لم يؤمن بكرتنا».

والذي يظهر من الأخبار هو أنه يحشر الله تعالى في زمن القائم عليه السلام أو قبله جماعة من المؤمنين، لتقر أعينهم برؤية أئمتهم ودولتهم، وجماعة من الكافرين والمخالفين للانتقام عاجلاً في الدنيا. وأما المستضعفون من الفريقين فلا يرجعون إلا يوم القيامة الكبرى.

وأما رجوع الأئمة 3alayhom-us-Salam.png فقد دلت الأخبار الكثيرة على رجعة أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) وكثير منها على رجعة الحسين (صلوات الله عليه)، ودل بعض الأخيار على رجوع النبي Salla-l-Allah-u-'Alayh-i-wa-'Aaleh.png وسائر الأئمة 3alayhom-us-Salam.png. وأما كون رجوعهم في زمان القائم عليه السلام أو قبله أو بعده، فالأخبار فيه مختلفة.

فيجب أن تقرّ برجعة بعض الناس والأئمة 3alayhom-us-Salam.png مجملاً، وترد علم ما ورد من تفاصيل ذلك إليهم 3alayhom-us-Salam.png، وقد أوردت الأخبار الواردة فيها في كتاب بحار الأنوار، وكتبت رسالة مفردة أيضاً في ذلك.

ويجب أن تعتقد أن الله تعالى يحشر الناس يوم القيامة، ويرد أرواحهم إلى الأجساد الأصلية، وإنكار ذلك وتأويله بما يوجب إنكار ظاهره - كما يُسمع في زماننا عن نبعض الملاحدة - كفر وإلحاد إجماعاً. وأكثر القرآن وارد في إثبات ذلك وكفر من أنكره. ولا تلتفت إلى شُبه الحكماء في ذلك من نفي إعادة المعدوم وتأويل الآيات والأخبار بالمعاد الروحاني.

ويجب أن تذعن بحقية الحساب وتطاير الكتب يميناً وشمالاً، وأن الله تعالى وكل بكل إنسان ملكين، أحدهما عن يمين الإنسان، والآخر عن شماله، ويكتب صاحب اليمين الحسنات، وصاحب الشمال السيئات، ففي اليوم ملكان يكتبان عمل اليوم، فإذا انتهى اليوم يصعدان بعمله، ويجيء ملكان يكتبان عمل الليلة، وإياك أن تؤولهما بما يُسمع في زماننا، فإنه كفر.

ويجب أن تؤمن بشفاعة النبي والأئمة (صلوات الله عليهم)، وأن الله تعالى لا يخلف وعده بالثواب لمن أطاعه، ويمكن أن يخلف الوعيد بأن يغفر لمن عصاه من المؤمنين من غير توبة، وأنه تعالى يقبل التوبة بمقتضى وعده، وبأن الكفار والمعاندين من أهل الخلاف مخلدون في النار.

وأن المستضعفين من أهل الخلاف مرجون لأمر الله، يُحتمل نجاتهم من النار بفضل الله، والمستضعفون هم ضعفاء العقول، ومنهم على مثل عقول الصبيان والنساء، والذين لم يتمّ عليهم الحجة كما هي.

وأن المؤمنين يدخلون الجنة ويخلدون فيها، إما بلا عذاب، أو بعد عذاب في عالم البرزخ أو في النار.

واعلم أن الشفاعة مختصة بالمؤمنين لا تتعداهم إلى غيرهم.

واعلم أن الحبط والتكفير هما ثابتان عندي ببعض معانيها، والآيات الدالة عليهما لا تُحصى، والأخبار لا تتناهى، والدلائل الموردة على نفيهما ضعيفة، كما لا يخفى على المتدبر فيها.

ثم لا بد أن تؤمن بكل ما ورد على لسان الشرع من الصراط والميزان وجميع أحوال القيامة وأهوالها، ولا تؤولها بشيء إلا ما ورد تأويله عن صاحب الشرع. فإن أول الكفر والإلحاد التصرف في النواميس الشرعية بالعقول الضعيفة والأهواء الردية، أعاذنا الله وسائر المؤمنين منها ومن أمثالها، والسلام على من اتبع الهدى.


========

 




قد علمت يا خليلي ما أثبتناه أولاً من لزوم متابعة أهل بيت العصمة سلام الله عليهم في أقوالهم وأفعالهم، والتدبّر في أخبارهم وآثارهم.

فاعلم أنّ الخير كلّ الخير وجدناه في أخبارهم إذ ما من حكمة من الحكم الإلهية إلا وهي فيها مصرحة مشروحة لمن أتاها بقلب سليم وعقل مستقيم، لم يعوج عقله بسلوك طرق الضلال والعمى، ولم يأنس فهمه بأطوار أهل الزيغ والردى.

وطريق الوصول إلى النجاة والفوز بالسعادات ظاهرة بيّنة فيها لمن رفع غشاوة الهوى عن بصيرته وتوسّل إلى ربّه في تصحيح نيّته، وقد قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا}، ومحال أن يخلف الله تعالى وعده إذا أتى الله من الأبواب التي أمر الله تعالى أن يُؤتى منها.

فالذي يجب أولاً للسالك إلى الله أن يصحح نيته، لأن مدار الأعمال في قبولها وكمالها على مراتب النيات، ولا يتأتى ذلك إلا بالتوسل التام بجنابه تعالى والاستعاذة من شر الشياطين وغلبة الأهواء.

ثم يتفكر في عظم هذا المقصد الأقصى، ويتفكر في أنه بعد ذهابه عن هذه النشأة، لا يتأتى له الرجوع إليها لتدارك ما قد فات منه ويحذر عن الحسرة العظمى والمصيبة الكبرى.

ثم يتفكر في فناء هذه الدنيا وتقلب أحوالها، وعدم الاعتماد عليها وعلى عزها وفخرها، ويرجع في أثناء هذه التفكرات إلى ما ورد عن أئمة الهدى 3alayhom-us-Salam.png في ذلك، لا إلى كلام غيرهم، لأن لها لصدورها عن منابع الوحي والإلهام تأثيراً غريباً ليس لكلام غيرهم وإن كان المضمون واحداً.

وأيضاً كلام غيرهم كالغزالي وأبي طالب المكي وأضرابهما مشتمل على حق وباطل، وإنهم يسولون باطلهم في أثناء ذكر الحق في نظر الناظرين إلى كلامهم، ليدخلوهم في حبائلهم ومصائدهم.

ثم اعلم أن النية ليست هي ما اشتهر بين الناس من خطور القلب، أو التلفظ بها بألفاظ عربية أو عجمية، بل هي الداعي على فعل الإنسان، وهي أمر كامن في النفس لا يطلع عليها إلا المجدون في طاعة الله الذين بصرهم الله عيوب النفس ودائها ودوائها، كما قال تعالى: {فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا}، وهي تابعة للحالة التي الإنسان مقيم عليها، كما ورد في تفسير قوله تعالى: {قُلْ كُلّ يَعْمَل عَلَى شَاكِلَته}، أي على نيته، وهذا ظاهر لمن تدبر فيه.

مثلاً: إذا كان رجل شاكلته وطريقته وسجيته حب الدنيا والحرص عليها، لا يعمل عملاً من أعمال الخير والشر إلا ومقصوده الأصلي منه حيازة الدنيا. فإذا صلى كان الباعث له عليه أنه إذا أخل بالصلاة، يخل ذلك بدنياه، وإذا شرب الخمر يشرب لأنه يعينه على دنياه وهكذا.

وإذا غلب على أحد حب الملوك والتقرب عندهم لا يعمل شيئاً إلا وهو يلاحظ أن يكون لهذا العمل مدخل في التقرب إليهم، والقرينة على ذلك أنه يترك كثيراً من أعمال الخير لا يوافق طباعهم.

فإذا تفطنت لذلك، فاعلم أن للناس في نياتهم منازل ودرجات:

فمنهم: من غلب عليه شقوتهم - كما أشرنا إليه - وليس المنظور في أعمالهم إلا أمثال ما ذكرناه من الأمور الفاسدة. وهذا إذا لم يسع في ترك تلك الحالة، يتدرج في الشقاوة إلى أن يترك دينه وعقائده ولا يرجى خيره أبداً.

والثاني: من ارتفع عن هذه الدرجة، ففي نفسه حب الدنيا وحب الآخرة معاً، ويزعم باطلاً أنهما يجتمعان، فقد يغلب عليه حب الآخرة فيعمل لها، وقد يغلب عليه حب الدنيا فيعمل لها، وهذا إذا لم يرفع نفسه عن هذه الدرجة، يلحق عما قريب بالأول.

والثالث: من غلب عليه خوف عقاب الله، وتنبَّه وتفكَّر في شديد عذابه وأليم عقابه، فصار ذلك سبباً لحط الدنيا عن نظره، فهو يعمل على كل ما يعمل من الأعمال الحسنة، ويترك من الأعمال السيئة خوفاً، وهذه العبادة صحيحة على الأظهر، لكن ليس في درجة الكمال، وقد ورد عن الصادق عليه السلام أنها عبادة العبيد.

والرابع: إنه غلب عليه الشوق إلى ما أعد الله للمحسنين في الجنة، فيعبد الله لطلب تلك الأمور، وقد ورد في الخبر أنه عبادة الأجراء، وهذا قريب من السابق.

والخامس: إنه يعبد الله لأنه تعالى أهل للعبادة، وهذه درجة الصدّيقين، وقد قال أمير المؤمنين (صلوات الله عليه): ما عبدتك خوفاً من نارك، ولا طمعاً في جنتك، ولكن وجدتك أهلاً للعبادة فعبدتك. وقد ورد عن الصادق عليه السلام أنها عبادة الأحرار. ولا يسمع هذه الدعوى من غيرهم، إذ لا يكون هذا إلا لمن يعلم من نفسه أنه لو لم يكن لله جنة ولا نار، بل لو كان - والعياذ بالله - العاصي في الجنة والمطيع في النار، لاختار الإطاعة لأن الله تعالى أهل لها.

والسادس: إنه يعبد الله تعالى شكراً له، فإنه يلاحظ نعمه تعالى الغير متناهية، فيحكم عقله بأن هذا المنعم يستحق لأن يُعبد لنعمه.

والسابع: إنه يعبد الله تعالى حياءاً فإنه يحكم عقله بحسن الحسنات وقبح السيئات، ويعلم أن الله تعالى مطلع عليه في جميع أحواله، فهذا يعبده حياءاً، ولا يلتفت إلا ثواب ولا عقاب، وإليه يشير ما ورد في تفسير الإحسان، أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك.

والثامن: أن يعبده تعالى حباً له، ومرتبة المحبة أعلى مراتب الكمال، وهي تحصل بدوام ذكره تعالى، وكثرة العبادة وتذكر نعم الله تعالى عليه وألطافه إليه. وإذا حصلت المحبة، لا يجوز مخالفة محبوبه لحبه إياه، ولا ينظر إلى نفع ولا ضرر.

والتاسع: إنه يعبده تقرباً إليه أي طلباً لقربه.

وللقربة معانٍ دقيقة نشير إلى بعضها إذ لا يتصور في شأنه تعالى القرب الزماني والمكاني، فالمراد إما القرب بحسب الدرجة والكمال إذ في مراتب النقص له غاية البعد عن جنابه تعالى لغاية كماله، فإذا رفع عن نفسه بعض النقائص، واتصف ببعض الكمالات، قل بعده عن جنابه وتخلق ببعض أخلاقه.

أو القرب بحسب المصاحبة المعنوية والتذكر، فإنه إذا كان محب في المشرق ومحبوبه في المغرب، فهو على الدوام في ذكره وفكره، ومشغول بخدماته وبالأمور المفوضة إليه، وهذا في الحقيقة أقرب من المحبوب من العدو الذي هو جالس بجنبه.

ولا ريب أن هذين المعنيين اللذين ذكرناهما يحصلان من العبادة فيمكن أن يكون غرض العابد حصول هذين المعنيين.

وللقرب معانٍ أخر، وللنية درجات أخر فيما بين المراتب التي ذكرنا لا يتناهى، وإنما أشرنا إلى بعضها على سبيل التمثيل، ليعرف المؤمن السالك إلى الله خطر هذا الطريق، ويتوسل إليه تعالى لينجيه من مهالك هذه المسالك حتى إذا دخل في زمرة عباد الله المخلصين، أمن من شر الشياطين، كما قال تعالى: {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَك عَلَيْهِمْ سُلْطَان}.

ولنعم ما مثل الشيطان بالكلب الذي يكون على أبواب الناس، ويؤذي من بهم بدخول دار مالكه، ولا يمكن دفعه إلا بأنه ينهره المالك ويزجره، أو يعلم أن الداخل من أصدقاء صاحب البيت، فكذا هذا الكلب اللعين موكل على باب الله تعالى لئلا يدخله الأجانب ومن لا يليق لشقائه بالدخول فيه، فإذا نهره صاحب البيت جل شأنه بسبب استعاذة العبد به من شره، أو علم أنه من مقربي هذه الحضرة، ومن خواص مالك الملاك، وكثيراً ما يدخل في هذا الباب ويخرج منه، وله أنس بصاحب البيت لا يتعرض له هذا الكلب.

فإذا توسل السالك بجنابه تعالى، وصحح نيته بقدر الجهد في بدو الأمر، يطلب ما يُعلم أنه خير آخرته فيه، ولا يُبالي بأن يعده أهل الزمان وجهلة الدوران حشوياً أو قشرياً، أو زاهداً متحجراً، أو ينسبونه إلى الجهل، وإذا كان بهذه المنزلة يظهر له الحق عياناً.

فينبغي بعد ذلك أن يبتغي معلماً مستأنساً بكلام أهل البيت 3alayhom-us-Salam.png وأخبارهم معتقداً لها، لا من يؤول الأخبار بالآراء، بل من صحح عقائده من الأخيار، ويشرع في طلب العلم ابتغاء وجه الله وطلب مرضاته، ويتدبر في أخبار أهل البيت 3alayhom-us-Salam.png، ويكون مقصده التحصيل للعمل.

فلا العمل ينفع بدون العلم، كما ورد عن الصادق عليه السلام: «إن العامل على غير بصيرة كالسائر على غير الطريق لا يزيده سرعة السير إلا بعداً». ولا العلم ينفع بدون العمل، وأيضاً لا يحصل العلم بدون العمل، كما روي: «من عمل بما علم، ورثه الله علم ما لم يعلم».

ولقد شبه العلم بسراج يكون مع السائر في طريق مظلم إذا وقف ولم يمشِ، لا يضيء له إلا مقدار معلوم، وكلما مشى، يضيء له مقدار آخر، فالعلم يعين على العمل، والعمل يزيد في العلم.

فينبغي أن يقسم يومه ثلاثة أقسام، ففي بعض اليوم يسعى لطلب الرزق الحلال، وفي بعض في طلب العلم، وفي بعض آخر يشتغل بالفرائض والسنن والنوافل.

وينبغي أن يحصل نبذة من العلوم الآلية لافتقار علم الحديث إليها كعلم الصرف والنحو وقليلاً من المنطق، وقليلاً من علم الأصول، وبعض الكتب الفقهية، ثم يبذل غاية الجهد في علم الحديث، ويطالع الكتب الأربعة وغيرها من تصانيف الصدوق وغيره.

ولقد اجتمع عندنا بحمد الله سوى الكتب الأربعة نحو من مائتي كتاب، ولقد جمعتها وفسرتها في كتاب بحار الأنوار، فعليك بالنظر فيه والخوض في لججه والاستفادة منه، فإنه بحر كما سمي به.

ثم اعلم يا أخي أن لكل عبادة روحاً وجسداً، وظاهراً وباطناً، فظاهرها وجسدها الحركات المخصوصة، وباطنها الأسرار المقصودة منها والثمرات المترتبة عليها، وروحها حضور القلب والإقبال عليها، وطلب حصول ما هو المقصود منها، ولا تحصل تلك الثمرات إلا بذلك.

كالصلاة التي هي عمود الدين، جعلها الله تعالى أفضل الأعمال البدنية، ورتب عليها آثاراً عظيمة. قال الله تعالى: {إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ}، وقال رسول الله Salla-l-Allah-u-'Alayh-i-wa-'Aaleh.png: «الصلاة معراج المؤمن»، ولا يترتب عليها تلك الثمرات إلا بحضور القلب التي هي روحها إذ الجسد بلا روح لا يترتب عليه أثر.

ولذا صلاتنا لا تنهانا عن الفحشاء والمنكر، ولا يحصل لنا بها العروج عن تلك الدركات الدنية إلى الدرجات العلية، فإن الصلاة معجون إلهي ومركب سماوي إذا لوحظت فيها شرائط عملها، ينفع لجميع الأمراض النفسانية والأدواء الروحانية.

فيلزم أن يكون الإنسان متذكراً في كل فعل من أفعال الصلاة سر ذلك الفعل، والغرض المقصود منه، ففي الدعوات المقدمة عليها إيناس للنفس التي استوحشت بسبب الاشتغال بالأمور الدنيوية التي اضطر إليها الإنسان بحسب الحكم والمصالح، ليكون عند الشروع فيها مستأنساً بجنابه تعالى.

وأيضاً من شرائط قبول العمل التقوى والورع عن المعاصي إذ بارتكابها ببعد عن ساحة قربه. وقد قال الله تعالى: {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ}، ولما ارتكب العبد الأفعال السيئة، وبعد بسببها غاية البعد، يتضرع قبل الصلاة أن يغفر له ويصفح عن جرائمه ليصير أهلاً لأن يعبده ويناجيه.

وفي التكبيرات تنزيه لجنابه تعالى عن الشريك والمثل والنقص، وعن أن يمكن للعبد إدراكه بالقوى الظاهرة والباطنة والعقول والأفهام، وتذكر للعقائد الحقة لتستقر في النفوس.

وفي دعاء التوجه تلقين للإخلاص في النية وإظهار لغاية العبودية ورفع النظر عما سواه، والتوجه بشراشره إليه.

وفي القراءة مكالمة مع المحبوب الحقيقي ومناجاة بذكر محامده أولاً، ووصفه بالأوصاف الكمالية وسيلة أمام الحاجة، ورعاية لآداب المكالمة والمناجاة، ثم إظهار العبودية، ثم التخلّي عن الحول والقوة، والاستعانة به في جميع الأمور، خصوصاً في العبادات، ثم طلب الهداية إلى الصراط المستقيم، وهو صراط النبي والأئمة 3alayhom-us-Salam.png في جميع العقائد والأعمال والأخلاق والطريق إلى الله.

وهذا الطلب مشتملٌ على جميع المطالب العالية - ثم الاستعاذة عن صراط أعدائهم، ويندرج فيه جميع العقائد الباطلة والأخلاق الردية والطرق المضلّة وجميع الفسوق، فإنها جميعاً صراط أعدائهم.

وكذا في الركوع والسجود خضوع وتذلّلٌ لله تعالى لدفع ما يحدث في الإنسان من التكبّر والفخر والعجب، فأمر بأن يضع مكارم بدنه على التراب عند ربّه.

وكذا في كل فعل من الأفعال حكم جسيمة ومصالح عظيم لا تفي بشرحها الكتب العظيمة، وقد ورد في الأخبار في كل فعل من أفعال الصلاة أسرار غريبة وحكم عجيبة، وإنما أومئنا في هذا المقام إلى بعض منها على جهة التمثيل، وغلا فلا تفي هذه الرسالة وآلاف أمثالها بشرح واحد منها.

فينبغي أن يرجع الإنسان إلى الأخبار الواردة فيها وفي أسرار جميع العبادات وحكمها، ويأتي بكل فعل على وجهه، ليكون كل فعل من أفعاله وسيلة لقربه، وسبباً لتكميل نفسه، وهادياً له إلى سبيل نجاته.

ثم اعلم أن أقرب الطرق إلى الله تعالى كما هو ظاهر كثير من الآيات والأخبار هو طريق الدعاء والمناجاة، لكن لهما شرائط من حضور القلب، والتوس التام، وقطع الرجاء عمّن سواه تعالى، والاعتماد الكامل عليه، والتوجّه في صغير الأمور وكبيرها وقليلها وكثيرها إليه سبحانه.

والأدعية المأثورة على نوعين. 

 

===========================

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ج10. الادب المفرد للبخاري {من1182 الي1322 }

  ج10. الادب المفرد للبخاري {من 1182 الي 1322  }   المحتويات المقدمة باب الاحتباء باب من برك على ركبتيه باب الاستلقاء باب الضجعة...